الأول : أن يرتفع على أنه خبر مبتدأ مضمر ، تقديره : فالشّاهدان آخران ، والفاء جواب الشرط ، دخلت على الجملة الاسمية ، والجملة من قوله : «يقومان» في محلّ رفع صفة ل «آخران».
الثاني : أنه مرفوع بفعل مضمر ، تقديره : فليشهد آخران ، ذكره مكيّ (١) وأبو البقاء (٢) ، وقد تقدّم أن الفعل لا يحذف وحده إلّا في مواضع ذكرتها عند قوله : (حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ) [المائدة : ١٠٦].
الثالث : أنه خبر مقدّم ، و «الأوليان» مبتدأ مؤخّر ، والتقدير : فالأوليان بأمر الميّت آخران يقومان مقامهما ، ذكر ذلك أبو عليّ ، قال : «ويكون كقولك : تميميّ أنا».
الرابع : أنه مبتدأ ، وفي الخبر حينئذ احتمالات :
أحدها : قوله : (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ) ، وجاز الابتداء به ؛ لتخصّصه بالوصف ، وهو الجملة من «يقومان».
والثاني : أنّ الخبر «يقومان» و (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ) صفة المبتدأ ، ولا يضرّ الفصل بالخبر بين الصفة وموصوفها ، والمسوّغ أيضا للابتداء به : اعتماده على فاء الجزاء ، وقال أبو البقاء (٣) ، لمّا حكى رفعه بالابتداء : «وجاز الابتداء هنا بالنّكرة ؛ لحصول الفائدة» ، فإن عنى أنّ المسوّغ مجرّد الفائدة من غير اعتبار مسوّغ من المسوّغات التي ذكرتها ، فغير مسلّم.
الثالث : أنّ الخبر قوله : «الأوليان» نقله أبو البقاء (٤) ، وقوله «يقومان» و (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ) كلاهما في محلّ رفع صفة ل «آخران» ، ويجوز أن يكون أحدهما صفة ، والآخر حالا ، وجاءت الحال من النكرة ؛ لتخصّصها بالوصف ، وفي هذا الوجه ضعف ؛ من حيث إنه إذا اجتمع معرفة ونكرة ، جعلت المعرفة محدّثا عنها ، والنكرة حديثا ، وعكس ذلك قليل جدّا أو ضرورة ؛ كقوله : [الوافر]
٢٠٧١ ـ ............... |
|
يكون مزاجها عسل وماء (٥) |
وكقوله : [الطويل]
٢٠٧٢ ـ وإنّ حراما أنّ أسبّ مجاشعا |
|
بآبائي الشّمّ الكرام الخضارم (٦) |
__________________
(١) ينظر : المشكل ١ / ٢٥٢.
(٢) ينظر : الإملاء ١ / ٢٣٠.
(٣) ينظر : الإملاء ١ / ٢٣٠.
(٤) ينظر : المصدر السابق.
(٥) البيت لحسان بن ثابت في ديوانه ص (٧١) ، الأشباه والنظائر ٢ / ٢٩٦ ، خزانة الأدب ٩ / ٢٢٤ ، الدرر ٢ / ٧٣ ، شرح أبيات سيبويه ١ / ٥٠ ، شرح شواهد المغني ص (٨٤٩) ، شرح المفصل ٨ / ٩٣ ، الكتاب ١ / ٤٩ ، لسان العرب (سبأ) ، (رأس) ، (جنى) ، المحتسب ١ / ٢٧٩ ، المقتضب ٤ / ٩٢ ، مغني اللبيب ص (٤٥٣) ، همع الهوامع ١ / ١١٩ ، الدر المصون ٢ / ٦٣٤.
(٦) تقدم.