للعود من التّرح إلى الفرح ، وهو اسم لما اعتدته يعود إليك ، وقد تقدّم.
وقال السدي : معناه يتّخذ اليوم الذي أنزلت فيه عيدا لأوّلنا لأهل زماننا ، وآخرنا لمن يجيء بعدنا (١).
وقال ابن عباس : يأكل منها آخر النّاس كما أكل أوّلهم (٢).
قوله : (وَآيَةً مِنْكَ) دلالة وحجّة.
قيل : نزلت يوم الأحد ؛ فاتّخذه النّصارى عيدا. وقوله «وارزقنا» أي : طعاما نأكله (وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
قوله تعالى : (قالَ اللهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ)(١١٥)
قرأ نافع وابن عامر وعاصم (٣) : «منزّلها» : بالتشديد ، فقيل : إنّ أنزل ونزّل بمعنى ، وقد تقدّم تحقيق ذلك ، وقيل : التشديد للتكثير ، فإنها نزلت مرّات متعددة.
قوله : «بعد» : متعلّق ب «يكفر» ، وبني ؛ لقطعه عن الإضافة ؛ إذ الأصل : بعد الإنزال ، و «منكم» متعلّق بمحذوف ؛ لأنه حال من فاعل «يكفر» ، وقوله : «عذابا» فيه وجهان :
أظهرهما : أنه اسم مصدر بمعنى التعذيب ، أو مصدر على حذف الزوائد ؛ نحو : «عطاء ونبات» ل «أعطى» و «أنبت» ، وانتصابه على المصدريّة بالتقديرين المذكورين.
والثاني ـ أجازه أبو البقاء (٤) ـ : أن يكون مفعولا به على السّعة ، يعني : جعل الحدث مفعولا به على السّعة ؛ مبالغة ، وحينئذ يكون نصبه على التشبيه بالمفعول به ، والمنصوب على التشبيه بالمفعول به عند النحاة ثلاثة أنواع : معمول الصفة المشبهة ، والمصدر ، والظرف المتّسع فيهما :
أمّا المصدر ، فكما تقدّم ، وأمّا الظرف ، فنحو : «يوم الجمعة صمته» ، ومنه قوله في ذلك : [الطويل]
٢٠٩٩ ـ ويوم شهدناه سليما وعامرا |
|
قليل سوى الطّعن النّهال نوافله (٥) |
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ١٣٢) وذكره السيوطي في «الدر» (٢ / ٦١٠) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ١٣٢) عن ابن عباس.
(٣) ينظر : السبعة ٢٥٠ ، والحجة ٣ / ٢٨٢ ، وحجة القراءات ٢٤٢ ، وإعراب القراءات ١ / ١٥١ ، والعنوان ٨٨ ، وإتحاف ١ / ٥٤٦.
(٤) ينظر : الإملاء ١ / ٢٣٣.
(٥) تقدم.