أظهرهما : أنها شرطيّة ، وجوابها قوله : «فعند الله» ، ولا بد من ضمير مقدّر في هذا الجواب يعود على اسم الشّرط ؛ لما تقرر قبل ذلك ، والتقدير : فعند الله ثواب الدنيا والآخرة له إن أراده ، وهذا تقدير الزّمخشريّ (١) ، قال [الزمخشري](٢) «حتّى يتعلّق الجزاء بالشّرط».
وأورده ابن الخطيب (٣) على وجه السّؤال قال :
فإن قيل : كيف دخلت الفاء في جواب الشّرط ، وعنده ـ تعالى ـ ثواب الدّنيا والآخرة ، سواء حصلت هذه الإرادة أم لا.
قلنا : تقدير الكلام : فعند الله ثواب الدّنيا والآخرة له إن أراده ، وعلى هذا التّقدير يتعلّق الجزاء بالشّرط.
وجوّز أبو حيّان ـ وجعله الظّاهر ـ أنّ الجواب محذوف ، تقديره : من كان يريد ثواب الدّنيا فلا يقتصر عليه ، وليطلب الثّوابين ، فعند الله ثواب الدّارين.
والثاني : أنها موصولة ودخلت الفاء في الخبر ؛ تشبيها له باسم الشّرط ، ويبعده مضيّ الفعل بعده ، والعائد محذوف ؛ كما تقرّر تمثيله.
فصل
ومعنى الآية : أن هؤلاء الّذين يريدون بجهادهم الغنيمة فقط مخطئون (٤) ؛ لأنّ عند الله [ثواب](٥) الدّنيا والآخرة ، فلم اكتفى بطلب ثواب الدّنيا ، مع أنه كان كالعدم بالنّسبة إلى ثواب الآخرة ، ولو كان عاقلا ، لطلب ثواب الآخرة ؛ حتى يحصل له ذلك ، ويحصل له ثواب الدّنيا تبعا.
قال القرطبيّ (٦) : من عمل بما افترضه [الله](٧) عليه طلبا للآخرة ، آتاه الله ذلك في الآخرة ، ومن عمل طلبا للدّنيا ، آتاه ما كتب (٨) له في الدّنيا ، وليس له في الآخرة من نصيب ؛ لأنه عمل لغير الله لقوله ـ تعالى ـ : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ) [هود : ١٦] وهذا على أن يكون المراد بالآية : المنافقون والكفّار ، (وَكانَ اللهُ سَمِيعاً بَصِيراً) : يسمع كلامهم أنهم لا يطلبون من الجهاد سوى الغنيمة ، ويرى أنّهم لا يسعون في الجهاد ، ولا يجتهدون فيه ، إلا عند توقّع الفوز بالغنيمة ، وهذا كالزّجر عن (٩) هذه الأعمال.
__________________
(١) ينظر : الكشاف ١ / ٥٧٤.
(٢) ينظر : المصدر السابق.
(٣) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ٥٧.
(٤) في ب : يحبطون.
(٥) سقط في أ.
(٦) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ٢٦٣.
(٧) سقط في أ.
(٨) في ب : كسب.
(٩) في ب : من.