على اليهودي ، ثمّ لما أطلعه الله على كذب أولئك الشّهود ، عرف أنّ ذلك القضاء لو وقع ، لكان خطأ في نفسه ، وإن كان معذورا عند الله [ـ تعالى ـ](١) [فيه](٢).
الثالث : قوله : (وَاسْتَغْفِرِ اللهَ) يحتمل أن يكون المراد : واستغفر الله لأولئك الّذين يذبّون عن طعمة ، ويريدون أن يظهروا براءته (٣).
الرابع : قيل : الاستغفار في حقّ الأنبياء بعد النّبوّة على أحد الوجوه الثّلاثة : إما لذنب تقدّم قبل النّبوّة ، أو لذنوب أمّته وقرابته ، أو لمباح جاء الشّرع بتحريمه ، فيتركه بالاستغفار ، والاستغفار يكون معناه : السّمع (٤) والطّاعة لحكم الشّرع.
ثم قال : (وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ) أي : يظلمون أنفسهم بالخيانة والسّرقة وقبلها. أمر بالاستغفار على طريق التّسبيح ؛ كالرجل يقول : أستغفر الله ، على وجه التّسبيح من غير أن يقصد توبة من ذنب.
وقيل : الخطاب للنّبي صلىاللهعليهوسلم ، والمراد : ابن أبيرق ؛ كقوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ) [الأحزاب : ١] [وقوله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍ)](٥) [يونس : ٩٤] والمراد بالذين يختانون طعمة ومن عاونه من قومه ، والاختيان : كالخيانة ؛ يقال : خانه واختانه ، وقد تقدّم عند قوله : (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ) [البقرة : ١٨٧] ، [وإنما قال لطعمة وللذّابّين عنه: إنهم يختانون أنفسهم](٦) ؛ لأن من أقدم على المعصية ، فقد حرم نفسه الثّواب ، وأوصلها إلى العقاب ، فكان ذلك منه خيانة لنفسه ؛ ولهذا المعنى ، قيل لمن ظلم غيره : إنّه ظلم نفسه ، وفي الآية تهديد شديد على إعانة (٧) الظّالم ؛ لأن الله ـ تعالى ـ عاتب النّبيّ صلىاللهعليهوسلم على همّه بإعانة طعمة ، مع أنّه لم يكن عالما بظلمه ، فكيف حال من يعلم ظلم الظّالم ، ويعينه عليه.
ثم قال : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ) أي : لا يرضى عن (٨)(مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً) يريد : خوّانا في الدّرع ، أثيما في رميه اليهوديّ.
وقيل : إنّه خطاب مع النّبي صلىاللهعليهوسلم والمراد به : غيره ؛ كقوله : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) [يونس : ٩٤].
فإن قيل : قوله ـ تعالى ـ : (مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً) صيغة مبالغة تدلّ على تكرار ذلك [الفعل مع أن الصّادر عنه خيانة واحدة ، وإثم واحد].
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في ب.
(٣) في ب : إيمانه.
(٤) في ب : الشرع.
(٥) سقط في ب.
(٦) سقط في أ.
(٧) في أ : إهانة.
(٨) في أ : عنه.