وخامسها : الكفر باليوم الآخر.
ثم قال : (فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) وهاهنا سؤالات :
السّؤال الأوّل : لم قدّم في مراتب الإيمان (١) ذكر الرّسول على ذكر الكتاب ، وفي مراتب الكفر قلب القضيّة؟.
والجواب : لأن في (٢) مرتبة النّزول من الخالق إلى الخلق كان (٣) الكتاب مقدما على الرسول ، وفي مرتبه العروج من الخلق إلى الخالق ، يكون الرّسول مقدّما على الكتاب.
السّؤال الثّاني : لم ذكر في مراتب الإيمان أمورا ثلاثة : الإيمان بالله ، وبالرسل ، وبالكتب ، وذكر في مراتب الكفر [أمورا خمسة : الكفر](٤) بالله ، وبالملائكة ، وبالرّسل ، [وبالكتب](٥) ، وباليوم الآخر؟.
والجواب : لأنّ الإيمان [بالله و](٦) بالرّسل ، وبالكتب متى حصل ، فقد حصل الإيمان بالملائكة ، وباليوم الآخر لا محالة ، إذ ربّما ادّعى الإنسان أنه يؤمن بالله ، وبالرّسل ، وبالكتب ، ثم إنّه ينكر الملائكة ، وينكر اليوم الآخر ، ويزعم أنّ الآيات الواردة في الملائكة وفي اليوم الآخر ، محمولة على التّأويل.
فلما احتمل هذا ؛ لا جرم نصّ على أن منكر الملائكة ، ومنكر اليوم الآخر ، كافر بالله.
السؤال الثالث : كيف قيل لأهل الكتاب : (وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ) مع أنهم كانوا مؤمنين بالتوراة والإنجيل؟.
والجواب : ما تقدّم من أن المراد بالكتاب : الجنس ، فأمروا أن يؤمنوا بكل الكتب ؛ لأنّهم لم يؤمنوا بكلّها ؛ كما قالوا : نؤمن ببعض ونكفر ببعض ، وأما قوله : (فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) ليس جوابا للأشياء المذكورة ، بل المعنى : ومن يكفر بواحد منها.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (١٣٧) بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٣٨) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً)(١٣٩)(٧)
لما أمر بالإيمان ، ورغّب فيه ، بيّن فساد طريقة من يكفر بعد الإيمان.
__________________
(١) في أ : الرسول.
(٢) في ب : لأن فيه.
(٣) في ب : كما أن.
(٤) سقط في أ.
(٥) سقط في ب.
(٦) سقط من أ.
(٧) سقط في ب.