فقال عليّ ـ رضي الله عنه ـ : معنى ذلك : يوم القيامة (١) ؛ وهو مرويّ عن ابن عبّاس (٢) ، وقيل : لا يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ، إلا أن يتواصوا بالباطل ، ولا يتناهوا عن المنكر ، ويتقاعدوا عن التّوبة ، فيكون تسليط العدوّ من قبلهم (٣) ؛ كما قال : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) [الشورى : ٣٠].
قال ابن العربيّ (٤) : وهذا نفيس.
وقيل : ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا شرعا ، فإن وجد ، فبخلاف الشّرع.
وقال عكرمة ، عن ابن عبّاس : حجّة في الدّنيا ، وقيل : ظهورا على أصحاب النّبيّصلىاللهعليهوسلم (٥) ، وقيل : عامّ في الكلّ ، إلا ما خصّه الدّليل.
قوله : على المؤمنين يجوز أن يتعلّق بالجعل ، ويجوز أن يتعلّق بمحذوف ؛ لأنه في الأصل صفة ل «سبيلا» ، فلما قدّم عليه ، انتصب حالا عنه.
فصل
استدلّوا بهذه الآية على مسائل :
منها : استيلاء الكافر على مال المسلم بدار الحرب ، لم يملكه.
ومنها : أن الكافر ليس له أن يشتري عبدا مسلما.
ومنها : أنّ المسلم لا يقتل بالذّمّيّ.
قوله تعالى : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٤٢) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً)(١٤٣)
قد تقدّم تفسير الخداع واشتقاقه أوّل البقرة ، ومعنى المفاعلة فيه.
قال الزّجّاج : معناه : يخادعون الرّسول ، أي : يظهرون له الإيمان ويبطنون الكفر ؛
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٩ / ٣٢٨) عن علي بن أبي طالب وأبي مالك.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٤١٦) عن علي وعزاه للطبري وحده.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٩ / ٣٢٨) عن ابن عباس وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٤١٦) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وذكره أيضا (٢ / ٤١٦) عن أبي مالك وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) في ب : قتلهم.
(٤) ينظر : تفسير القرطبي ٥ / ٢٦٩.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٩ / ٣٢٨) عن السدي بمعناه وانظر «البحر المحيط» لأبي حيان (٣ / ٣٩١).