وقال أبو هريرة : بيت يقفل عليهم ، تتوقّد فيه النّار من فوقهم ومن تحتهم (١).
فصل
قال ابن الأنباريّ (٢) : قال ـ تعالى ـ في صفة المنافقين : إنّهم في الدّرك الأسفل من النّار ، وقال في آل فرعون : (أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) [غافر : ٤٦] فأيّهما أشدّ عذابا : المنافقون ، أم (٣) آل فرعون؟.
وأجاب : بأنّه يحتمل أنّ أشدّ العذاب إنّما يكون في الدّرك الأسفل ، وقد اجتمع (٤) فيه الفريقان.
فصل لماذا كان المنافقون أشد عذابا من الكفار؟
إنّما كان المنافقون أشدّ عذابا من الكفّار ؛ لأنّهم مثلهم في الكفر ، وضمّوا إليه نوعا آخر من الكفر ، وهو الاستهزاء بالإسلام [وأهله أيضا فإنّهم يظهرون الإسلام](٥) ؛ ليتمكّنوا من الاطّلاع على أسرار المسلمين ، ثمّ يخبرون الكفّار بذلك فتتضاعف المحنة.
قوله : (وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً) مانعا من العذاب.
واحتجّوا بهذه الآية على إثبات (٦) الشّفاعة للفسّاق من المسلمين ؛ لأنه ـ تعالى ـ خصّ المنافقين بهذا التّهديد ، ولو كان ذلك حاصلا لغير المنافقين ، لم يكن ذلك زجرا عن النّفاق من حيث إنّه نفاق ، وليس هذا استدلالا بدليل الخطاب ، بل وجه الاستدلال فيه ؛ أنه ـ تعالى ـ ذكره في معرض الزّجر عن النّفاق ، فلو حصل ذلك مع عدمه ، لم يبق زجرا عنه من حيث إنّه نفاق.
قوله : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) : فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه منصوب على الاستثناء من قوله : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ).
الثاني : أنه مستثنى من الضمير المجرور في «لهم».
الثالث : أنه مبتدأ ، وخبره الجملة من قوله : (فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) ، قيل : ودخلت الفاء في الخبر ؛ لشبه المبتدأ باسم الشرط ، قال أبو البقاء (٧) ومكي (٨) وغيرهما : «مع
__________________
(١) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٤١٩) عن أبي هريرة وعزاه لعبد بن حميد وابن أبي حاتم.
وأخرجه الطبري (٩ / ٢٣٩) عنه بلفظ : توابيت ترتج عليهم وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٤١٩) وزاد نسبته لابن المنذر.
(٢) ينظر : تفسير الرازي ١١ / ٦٩.
(٣) في ب : أو.
(٤) في ب : جمع.
(٥) سقط في ب.
(٦) في ب : ثبوت.
(٧) ينظر : الإملاء ١ / ١٩٩.
(٨) ينظر : المشكل ١ / ٢١٠.