قلنا : المراد بقوله : (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [الأعراف : ١٨٨] لقوم كتب عليهم في الأزل أنهم يؤمنون ، وإنما خصهم بالذكر لأنهم هم المنتفعون بالإنذار والبشارة دون غيرهم ؛ فكأنه نذير وبشير لهم خاصة ، كما قال تعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها) [النازعات : ٤٥].
ويجوز أن يكون متعلق النذير محذوفا تقديره : إن أنا إلا نذير للكافرين وبشير لقوم يؤمنون ؛ فاستغنى بذكر أحدهما عن الآخر ، كما استغنى بالجملة عن التفصيل في تلك الآية ؛ لأن المعنى : وما أرسلناك إلا كافة للنّاس بشيرا للمؤمنين ونذيرا للكافرين.
[٣٥٠] فإن قيل : كيف قال الله تعالى حكاية عن آدم عليهالسلام ، وحواء ، رضي الله عنها : (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما) ، وقال عزوجل : (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الأعراف : ١٩٠] والأنبياء معصومون عن مطلق الكبائر فضلا عن الشرك الذي هو أكبر الكبائر؟
قلنا : المراد بقوله : (جَعَلا لَهُ) أي جعل أولادهما بطريق حذف المضاف. وكذا قوله تعالى : (فِيما آتاهُما) أي فيما آتى أولادهما ، ويؤيد هذا قوله تعالى : (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الأعراف : ١٩٠] حيث ذكر ضمير الجمع ولم يقل يشركان ، ومعنى إشراك أولادهما فيما آتاهم الله تعالى تسميتهم أولادهم بعبد العزى وعبد مناة وعبد شمس ونحو ذلك ، مكان عبد الله وعبد الرحمن وعبد الرحيم.
وقيل : الضمير جعلا للولد الصالح وهو السليم الخلق ، وإنما قال جعلا لأن حواء كانت تلد في بطن ذكرا وأنثى.
وقيل : المراد بذلك تسميتهما إياه عبد الحارث. والحارث اسم إبليس في الملائكة ، وسبب تلك التسمية يعرف من تفسير الآية ، وإنما قال شركاء إقامة للواحد مقام الجمع ، ولم يذهب آدم وحواء إلى أن الحارث ربه ؛ بل قصد أنه كان سبب نجاته.
وقال جمهور المفسرين : قوله تعالى : (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الأعراف : ١٩٠] في مشركي العرب خاصة ، وهو منقطع عن قصة آدم وحواء عليهماالسلام.