سورة يونس عليهالسلام
[٤١٣] فإن قيل : كيف قال الله تعالى : (يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [يونس : ٥] والله تعالى فصل الآيات للعلماء والجهال أيضا.
قلنا : لما كان يقع تفصيل الآيات مخصوصا بالعلماء وانتفاعهم بالتفصيل أكثر أضاف التفصيل إليه وخصهم به.
[٤١٤] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [يونس : ١٠] مع أن أقوال أهل الجنة وأحوالهم لا آخر لها ، لأن الجنّة دار الخلود؟
قلنا : معناه وآخر دعائهم في كل مجلس دعاء أو ذكر أو تسبيح ، فإن أهل الجنة يسبحون ويذكرون للتنعم والتلذذ بالذكر والتسبيح.
[٤١٥] فإن قيل : قد أنكر الله تعالى على الكفار احتجاجهم بمشيئته في قوله تعالى : (لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) [الأنعام : ١٤٨] ولهذا لا يجوز للعاصي أن يحتج في وجود المعصية منه بقوله لو شاء الله ما فعلت هذه المعصية فلا تقيموا عليّ حدها : فكيف قال النبي صلىاللهعليهوسلم : لو شاء الله ما تلوته عليكم؟
قلنا : النبي صلىاللهعليهوسلم قال هذه الجملة بأمر الله تعالى ، لأن الله عزوجل قال له : (قُلْ لَوْ شاءَ اللهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ) [يونس : ١٦] وللعبد أن يحتج بمشيئة الله إذا أمره الله أن يحتج بها ، أما ما ليس كذلك فليس له أن يحتج بمجرد المشيئة ، وما أوردتموه كذلك.
[٤١٦] فإن قيل : كيف قال تعالى : (فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) [يونس : ٢٣] والبغي لا يكون إلا بغير الحق ؛ لأن البغي هو التعدي والفساد من قولهم بغى الجرح إذا فسد ، كذا قاله الأصمعي ، فما فائدة التقييد؟
قلنا : قد يكون الفساد بالحق كاستيلاء المسلمين على أرض الكفار وهدم دورهم وإحراق زروعهم وقطع أشجارهم ، كما فعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ببني قريظة.
[٤١٧] فإن قيل : كيف شبه الله تعالى الحياة الدنيا بماء السماء دون ماء الأرض
__________________
[٤١٦] الأصمعي : هو عبد الله بن قريب بن علي بن أصمع الباهلي ، أبو سعيد الأصمعي. رواية لشعر العرب ولغتهم. ولد في البصرة سنة ١٢٢ ه وتوفي بها سنة ٢١٦ ه. من مؤلفاته : الإبل ، الأضداد (ينسب إليه ولا يعلم على التحقيق أنه من تأليفه) ، خلق الإنسان ، الفرق ، الخيل ، الدارات ، النبات والشجر ، الخ.