سورة الحج
[٧١٠] فإن قيل : قوله تعالى : (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) [الحج : ١] يدل على أن المعدوم شيء.
قلنا : لا نسلم ، ومستنده أن المراد أنها إذا وجدت كانت شيئا لا أنها شيء الآن ، ويؤيد هذا قوله تعالى : (عَظِيمٌ) مع أن المعدوم لا يوصف بالعظم.
[٧١١] فإن قيل : كيف قال تعالى أوّلا : (يَوْمَ تَرَوْنَها) [الحج : ٢] بلفظ الجمع ، ثم أفرد فقال : (وَتَرَى النَّاسَ) [الحج : ٢]؟
قلنا : لأن الرؤية أوّلا علقت بالزلزلة ، فجعل الناس كلهم رائين لها وعلقت آخرا بكون الناس على هيئة السكارى ، فلا بد أن يجعل كل واحد منهم رائيا لسائرهم.
[٧١٢] فإن قيل : كيف قال تعالى في حقّ النضر بن الحارث (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ) [الحج : ٣] إلى أن قال : (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) [الحج : ٩] وهو ما كان غرضه في جداله الضلال عن سبيل الله ، فكيف علل جداله به وما كان أيضا مهتديا حتى إذا جادل خرج بالجدال من الهدى إلى الضلال؟
قلنا : هذه لام العاقبة والصيرورة ، وقد سبق ذكرها غير مرة ، ولما كان الهدى معرّضا له فتركه وأعرض عنه وأقبل على الجدال بالباطل جعل كالخارج من الهدى إلى الضلال.
[٧١٣] فإن قيل : النفع والضر منفيان عن الأصنام مثبتان لها في الآيتين ، فكيف التوفيق بينهما؟
قلنا : معناه يعبد من دون الله ما لا يضره بنفسه إن لم يعبده ، ولا ينفعه بنفسه إن عبده ، ثم قال : يعبد من يضره الله بسبب عبادته ، وإنما أضاف الضرر إليه لحصوله بسببه.
[٧١٤] فإن قيل : قوله تعالى : (أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ) [الحج : ١٣] يدل على أن في عبادة الصنم نفعا وإن كان فيها ضرر؟
قلنا : معناه أقرب من النفع المنسوب إليه في زعمهم ، وهو اعتقادهم أنه يشفع لهم.