سورة الشعراء
[٧٦٦] فإن قيل : كيف قال تعالى : (فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) [الشعراء : ٤] والأعناق لا تخضع؟
قلنا : قيل أصل الكلام : فظلوا لها خاضعين فاقتحمت الأعناق لبيان موضع الخضوع وترك الكلام على أصله ، كقولهم ذهبت أهل اليمامة ، كأنّ الأهل غير المذكور ، ومثله قول الشاعر :
رأت مرّ السنين أخذن منّي |
|
كما أخذ السرار من الهلال |
أو لما وصفت الأعناق بالخضوع الذي هو من صفات العقلاء جمعت جمع العقلاء كقوله تعالى : (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) [يوسف : ٤]. وقيل : الأعناق رؤساء الناس ومقدموهم شبهوا بالأعناق ، كما قيل لهم الرءوس والنواصي والوجوه.
وقيل : الأعناق الجماعات ؛ يقال : جاءني عنق من الناس ، أي جماعة. وقيل : إن ذلك لمراعاة الفواصل.
[٧٦٧] فإن قيل : كيف قال تعالى : (فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) [الشعراء : ١٦] فأفرد ، وقال تعالى في موضع آخر (إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ) [طه : ٤٧] فثنّى؟
قلنا : الرسول يكون بمعنى المرسل فيلزم تثنيته ، ويكون بمعنى الرسالة التي هي المصدر فيوصف به الواحد والاثنان والجماعة كما يوصف بسائر المصادر ، والدليل على أنه يكون بمعنى الرسالة قول الشاعر :
لقد كذب الواشون ما بحت عندهم |
|
بسرّ ولا أرسلتهم برسول |
أي برسالة.
الثاني : أنهما لاتفاقهما في الأخوة والشريعة والرسالة جعلا كنفس واحدة.
الثالث : أن تقديره : إن كل واحد منا رسول رب العالمين.
الرابع : أن موسى عليهالسلام كان الأصل ، وهارون عليهالسلام كان تبعا له ، فأفرد إشارة إلى ذلك.
__________________
[٧٦٦] البيت حكاه الفرّاء في معاني القرآن عن العكليّ أبي ثروان في ج ٢ ص ٣٧ ، وأوّل كلمة فيه : أرى بدل رأت. ولم ينسبه.
[٧٦٧] البيت لم أقف على نسبته.