سورة النمل
[٧٨٩] فإن قيل : ما فائدة تنكير الكتاب في قوله تعالى : (وَكِتابٍ مُبِينٍ) [النمل : ١]؟
قلنا : فائدته التفخيم والتعظيم كقوله تعالى : (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) [القمر : ٥٥].
[٧٩٠] فإن قيل : العطف يقتضي المغايرة ، فكيف عطف الكتاب المبين على القرآن والمراد به القرآن؟
قلنا : قيل إن المراد بالكتاب المبين اللوح المحفوظ ، فعلى هذا لا إشكال ؛ وعلى القول الآخر فنقول : العطف يقتضي المغايرة مطلقا إما لفظا وإما معنى ؛ بدليل قول الشاعر :
فألفى قولها كذبا ومينا
وقولهم : جاءني الفقيه والظريف ، والمغايرة لفظا ثابتة.
[٧٩١] فإن قيل : كيف قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ) [النمل : ٤] وقال تعالى في موضع آخر (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) [النمل : ٢٤].
قلنا : تزيين الله تعالى لهم الأعمال بخلقه الشهوة والهوى وتركيبها فيهم ، وتزيين الشيطان بالوسوسة والإغواء والغرور والتمنية ، فصحت الإضافتان.
[٧٩٢] فإن قيل : كيف قال هنا (سَآتِيكُمْ) [النمل : ٧] وقال في سورة طه (لَعَلِّي آتِيكُمْ) [طه : ١٠] وأحدهما قطع والآخر ترجّ والقصة واحدة؟
قلنا : قد يقول الراجي إذا قوي رجاؤه سأفعل كذا ، وسيكون كذا مع تجويزه الخيبة.
[٧٩٣] فإن قيل : كيف قال تعالى : (أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ) [النمل : ٨] مع أنه لم
__________________
[٧٩٠] تمام البيت :
فقدّدت الأديم لراهشيه |
|
فألفى قولها كذبا ومينا |
وهو لعدي بن زيد في ديوانه : ١٨٣.
ويروى : وقدّدت بدل فقدّدت. ويروى : وقدّمت ، كما جاء في معاني الفرّاء.