سورة القصص
[٨١٣] فإن قيل : ما فائدة وحي الله تعالى إلى أم موسى عليهالسلام بإرضاعه وهي ترضعه طبعا سواء أمرت بذلك أم لا؟
قلنا : أمرها بإرضاعه ليألف لبنها فلا يقبل ثدي غيرها بعد وقوعه في يد فرعون ، فلو لم يأمرها بإرضاعه ربما كانت تسترضع له مرضعة فيفوت ذلك المقصود.
[٨١٤] فإن قيل : كيف قال تعالى : (فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي) [القصص : ٧] والشرط الواحد إذا تعلق به جزاءان صدق مع كل واحد منهما وحده ، فيئول هذا إلى صدق قوله : فإذا خفت عليه فلا تخافي ، وأنه يشبه التناقض.
قلنا : معناه فإذا خفت عليه من القتل فألقيه في اليم ولا تخافي عليه من الغرق ، ولا تناقض بينهما.
[٨١٥] فإن قيل : ما الفرق بين الخوف والحزن حتى عطف أحدهما على الآخر في قوله تعالى : (وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي) [القصص : ٧]؟
قلنا : الخوف غم يصيب الإنسان لأمر يتوقعه في المستقبل ، والحزن غم يصيبه لأمر قد وقع ومضى.
[٨١٦] فإن قيل : كيف جعل موسى عليهالسلام قتله القبطي الكافر من عمل الشيطان ، وسمى نفسه ظالما واستغفر منه؟
قلنا : إنما جعله من عمل الشيطان لأنه قتله قبل أن يؤذن له في قتله ، فكان ذلك ذنبا يستغفر منه مثله. قال ابن جريج : ليس لنبي أن يقتل ما لم يؤمر.
[٨١٧] فإن قيل : إن موسى عليهالسلام ما سقى لابنتي شعيب عليهالسلام طلبا للأجر ، فكيف أجاب دعوتها لما قالت : (إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا) [القصص : ٢٥]؟
__________________
[٨١٦] ابن جريج : هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، أبو الوليد. كان فقيه الحرم المكي ، من موالي قريش. ولد سنة ٨٠ ه بمكة وتوفي بها سنة ١٥٠ ه. يقال إنّه أوّل من صنّف في مكة. كان محدّثا وأخذ عنه أنه يدلّس.