سورة الروم
[٨٤١] فإن قيل : كيف ذكر الضمير في قوله تعالى : (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) [الروم : ٢٧] ، والمراد به الإعادة لسبق قوله : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) [الروم : ٢٧]؟
قلنا : معناه ورجعه أو وردّه أهون عليه ، فأعاد الضمير على المعنى لا على اللفظ ، كما في قوله تعالى : (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً) [الفرقان : ٤٩] أي بلدا أو مكانا.
[٨٤٢] فإن قيل : كيف أخرت الصلة في قوله تعالى : (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) [الروم : ٢٧] وقدمت في قوله تعالى : (هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ) [مريم : ٢١]؟
قلنا : لأنّ هناك قصد الاختصاص وهو يحسن الكلام ، فقيل هو عليّ هين وإن كان مستصعبا عندكم أن يولد بين همّ وعاقر ، وأما هنا فلا معنى للاختصاص فجرى على أصله ، والأمر مبني على ما يعقل الناس من أن الإعادة أسهل من الابتداء ، فلو قدمت الصلة لتغير المعنى.
[٨٤٣] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) [الروم : ٢٧] ، والأفعال كلها بالنسبة إلى قدرة الله تعالى في السهولة سواء ، وإنما تتفاوت في السهولة والصعوبة بالنسبة إلى قدرتنا؟
قلنا : معناه وهو هين عليه ، وقد جاء في كلام العرب أفعل بمعنى اسم الفاعل من غير تفضيل ، ومنه قولهم في الأذان الله أكبر ، أي الله كبير في قول بعضهم ، وقال الفرزدق :
إنّ الّذي سمك السماء بنى لنا |
|
بيتا دعائمه أعزّ وأطول |
أي عزيزة طويلة ، وقال معن بن أوس المزني :
لعمرك ما أدري وإني لأوجل |
|
على أيّنا تعدو المنية أوّل |
__________________
[٨٤٣] البيت في ديوان الفرزدق : ٤٨٩.
ـ سمك : أي رفع.
ـ البيت الثاني في ديوان معن بن أوس المزني : ٩٣.
ـ البيت الثالث للأحوص. انظر مجموع شعره ص : ١٥٢.
ـ البيت الرابع لم نقف على نسبته.