سورة السجدة
[٨٥٨] فإن قيل : كيف قال تعالى ، هنا : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) [السجدة : ٥] ، وقال تعالى ، في سورة المعارج : (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) [المعارج : ٤]؟
قلنا : المراد بالأول مسافة عروج الملائكة من الأرض إلى السطح الأعلى من سماء الدنيا وذلك ألف سنة ، خمسمائة سنة مسافة ما بين السماء والأرض وخمسمائة سنة مسافة سمك سماء الدنيا ، والمراد بالثاني مسافة عروج الملائكة من الأرض إلى العرش.
الثّاني : أن المراد به في الآيتين يوم القيامة ، ومقداره ألف سنة من حساب أهل الدنيا لقوله تعالى : (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) [الحج : ٤٧] ومعنى قوله تعالى : (خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) [المعارج : ٤] ، أي لو تولى فيه حساب الخلق غير الله تعالى.
الثّالث : أنه كألف سنة في حقّ عوام المؤمنين ، والخمسين ألف سنة في حق الكافرين لشدة ما يكابدون فيه من الأهوال والمحن ، وكساعة من أيام الدنيا في حق خواص المؤمنين. ويؤيده ما روي أنه قيل : «يا رسول الله يوم مقداره خمسون ألف سنة ما أطوله ، فقال : والذي نفسي بيده ليخفف على المؤمنين حتى يكون عليه أخف من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا». وروي أن ابن عباس رضي الله عنهما سئل عن هاتين الآيتين؟ فقال : يومان ذكرهما الله تعالى في كتابه ، وإني أكره أن أقول في كتاب الله بما لا أعلم.
[٨٥٩] فإن قيل : كيف قال تعالى : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) [السجدة : ٧] أو (كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) [السجدة : ٧] على اختلاف القراءتين ، ومقتضى القراءتين أن لا يكون في مخلوقات الله تعالى شيء قبيح والواقع خلافه ، ولو لم يكن إلا الشرور والمعاصي فإنها مخلوقة لله تعالى عند أهل السنة والجماعة مع أنها قبيحة؟
__________________
[٨٥٩] كلمة الإمام عليّ في نهج البلاغة ، قصار الحكم ، رقم ٨١.