سورة الأحزاب
[٨٦٨] فإن قيل : كيف قال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُ) [الأحزاب : ٢٨] ولم يقل يا محمد كما قال تعالى يا موسى ، يا عيسى ، يا داود ونحوه؟
قلنا : إنما عدل عن ندائه باسمه إلى ندائه بالنبي والرسول إجلالا له وتعظيما كما قال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ) [التحريم : ١] (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ) [المائدة : ٦٧].
[٨٦٩] فإن قيل : لو كان ذلك كما ذكرتم لعدل عن اسمه إلى نعته في الإخبار عنه كما عدل في النداء في قوله تعالى : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ) [الفتح : ٢٩] وقوله تعالى : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) [آل عمران : ١٤٤].
قلنا : إنما عدل عن نعته في هذين الموضعين لتعليم الناس أنه رسول الله وتلقينهم أن يسموه بذلك ويدعوه به ، ولذلك ذكره بنعته لا باسمه في غير هذين الموضعين من مواضع الإخبار ، كما ذكره في النداء (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) [التوبة : ١٢٨] (وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِ) [الفرقان : ٣٠] (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [الأحزاب : ٢١] (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) [التوبة : ٦٢] (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) [الأحزاب : ٦] (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) [الأحزاب : ٥٦] (وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِ) [المائدة : ٨١] ونظائره كثيرة.
[٨٧٠] فإن قيل : ما فائدة ذكر الجوف في قوله تعالى : (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) [الأحزاب : ٤]؟
قلنا : قد سبق مثل هذا السؤال وجوابه في سورة الحج في قوله تعالى : (وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحج : ٤٦].
[٨٧١] فإن قيل : ما معنى قولهم : أنت عليّ كظهر أمي؟
قلنا : أرادوا أن يقولوا أنت عليّ حرام كبطن أمي ، فكنوا عن البطن بالظهر لئلا يذكروا البطن الذي يقارب ذكره ذكر الفرج ، وإنما كنوا عن البطن بالظهر لوجهين :
أحدهما : أنه عمود البطن ، ويؤيّده قول عمر رضي الله تعالى عنه : «يجيء به أحدهم على عمود بطنه» أي على ظهره.