سورة فاطر
[٩٠٤] فإن قيل : قوله تعالى : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) [فاطر : ٩] كيف جاء فتثير مضارعا دون ما قبله وما بعده؟
قلنا : هو مضارع وضع موضع الماضي ، كما في قوله تعالى : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ) [الأحزاب : ٣٧].
[٩٠٥] فإن قيل : ما معنى قوله تعالى : (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ) [فاطر : ١١]؟
قلنا : معناه وما يعمر من أحد ، وإنما سماه معمرا بما هو سائر إليه.
[٩٠٦] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) [فاطر : ٢٤] وكم من أمة كانت في الفترة بين عيسى ومحمد صلىاللهعليهوسلم ولم يخل فيها نذير؟
قلنا : إذا كان آثار النذارة باقية لم تخل من نذير إلى أن تندرس وحين اندرست آثار نذارة عيسى بعث محمد عليهما الصلاة والسلام.
[٩٠٧] فإن قيل : كيف اكتفى سبحانه وتعالى بذكر النذير عن البشير في آخر الآية بعد سبق ذكرهما في أولها؟
قلنا : لما كانت النذارة مشفوعة بالبشارة لا محالة استغنى بذكر أحدهما عن الآخر بعد سبق ذكرهما.
[٩٠٨] فإن قيل : ما الفرق بين النصب واللغوب حتى عطف أحدهما على الآخر؟
قلنا : النصب المشقة والكلفة ، واللغوب الفتور الحاصل بسبب النصب فهو نتيجة النصب ، كذا فرق بينهما الزمخشري رحمهالله. ويرد على هذا أن يكون انتفاء الثاني معلوما من انتفاء الأول.
[٩٠٩] فإن قيل : ما فائدة قوله تعالى : (رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) [فاطر : ٣٧] مع أنه يوهم أنهم يعملون صالحا آخر غير الصالح الذي عملوه ، وهم ما عملوا صالحا قط ؛ بل سيئا؟
قلنا : هم كانوا يحسبون أنّهم على سيرة صالحة ، كما قال تعالى : (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) [الكهف : ١٠٤] ؛ فمعناه غير الّذي كنا نحسبه صالحا فنعمله.