سورة يس
[٩١٠] فإن قيل : كيف قال تعالى ، أولا : (إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) [يس : ١٤] ، وقال سبحانه ، ثانيا : (إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) [يس : ١٦]؟
قلنا : لأنّ الأول ابتداء إخبار فلم يحتج إلى التأكيد باللّام ؛ بخلاف الثاني ، فإنّه جواب بعد الإنكار والتّكذيب فاحتاج إلى التأكيد.
[٩١١] فإن قيل : كيف أضاف الفطر إلى نفسه بقوله : (فَطَرَنِي) [يس : ٢٢] ، وأضاف البعث إليهم بقوله : (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [يس : ٨٣] ، مع علمه أنّ الله تعالى فطره وفطرهم ، وسوف يبعثه ويبعثهم ، فهلا قال فطرنا وإليه نرجع أو فطركم وإليه ترجعون؟
قلنا : لأنّ الخلق والإيجاد نعمة من الله تعالى توجب الشّكر ، والبعث بعد الموت وعيد وتهديد ، يوجب الزّجر ؛ فكان إضافته النعمة إلى نفسه أظهر في الشكر ، وإضافته البعث إليهم أبلغ في الزّجر.
[٩١٢] فإن قيل : كيف قال تعالى : (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) [يس : ٣٠] والتّحسّر على الله تعالى محال؟
قلنا : هو تحسير للخلق ، معناه : قولوا يا حسرتنا على أنفسنا ، لا تحسّر من الله تعالى.
[٩١٣] فإن قيل : كيف نفى الله سبحانه وتعالى الإدراك عن الشمس للقمر دون عكسه وهو : ولا القمر ينبغي له أن يدرك الشمس؟
قلنا : لأنّ سير القمر أسرع ، فإنّه يقطع فلكه في شهر والشمس لا تقطع فلكها إلّا في سنة ؛ فكانت الشمس جديرة بأن توصف بنفي الإدراك لبطء سيرها ، والقمر خليقا بأن توصف بالسّبق لسرعة سيره ، هذا سؤال الزمخشري رحمهالله وجوابه. ويرد عليه أن سرعة سير القمر يناسب أن ينفي الإدراك عنه ؛ لأنه إذا قيل : لا القمر ينبغي له أن يدرك الشمس ، مع سرعة سيره ، علم بالطّريق الأولى أن الشّمس لا ينبغي لها أن تدرك القمر مع بطء سيرها ، فأمّا إذا قيل : لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر أمكن أن يقال إنّما لم تدركه لبطء سيرها ، فأمّا القمر فيجوز أن يدركها لسرعة سيره.
[٩١٤] فإن قيل : كيف قال الله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمْ) [يس : ٤١] أي لأهل مكة