(أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ) [يس : ٤١] أي ذرية أهل مكة أو ذرية قوم نوح عليهالسلام (فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) [يس : ٤١] والذرية اسم للأولاد ، والمحمول في سفينة نوح عليه الصلاة والسلام آباء أهل مكة لا أولادهم؟
قلنا : الذرية من أسماء الأضداد تطلق على الآباء والأولاد بدليل قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ) [آل عمران : ٣٣ ، ٣٤] ، وصف جميع المذكورين بكونهم ذرية ، وبعضهم آباء ، وبعضهم أبناء ؛ فمعناه حملنا آباء أهل مكة أو حملنا أبناءهم ؛ لأنهم كانوا في ظهور آبائهم المحمولين.
[٩١٥] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [يونس : ٤٨] يعنون الوعد بالبعث والجزاء والوعد كان واقعا لا منتظرا؟
قلنا : معناه متى إنجاز هذا الوعد وصدقه ، بحذف المضاف أو بإطلاق اسم الوعد على الموعود ، كضرب الأمير ونسج اليمن.
[٩١٦] فإن قيل : قولهم : (مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) [يس : ٥٢] سؤال عن الباعث فكيف طابقه ما بعده جوابا؟
قلنا : معناه بعثكم الرحمن الذي وعدكم البعث وأنبأكم به الرسل ؛ إلا أنه جيء به على هذه الطريقة تبكيتا لهم وتوبيخا.
[٩١٧] فإن قيل : كيف قال تعالى ، في صفة أهل الجنّة (هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ) [يس : ٥٦] والظل إنما يكون حيث تكون الشمس ، ولهذا لا يقال لما في الليل ظل والجنة لا يكون فيها شمس لقوله تعالى : (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً) [الإنسان : ١٣]؟
قلنا : ظل أشجار الجنة من نور العرش لئلّا تبهر أبصار أهل الجنة فإنه أعظم من نور الشمس ، وقيل : من نور قناديل العرش.
[٩١٨] فإن قيل : كيف سمّى سبحانه وتعالى نطق اليد كلاما ونطق الرجل شهادة في قوله : (وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ) [يس : ٦٥]؟
قلنا : لأنّ اليد كانت مباشرة والرجل حاضرة ، وقول الحاضر على غيره شهادة ، وقول الفاعل على نفسه ليس بشهادة ؛ بل إقرار بما فعل. قلت : وفي الجواب نظر.
[٩١٩] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ) [يس : ٦٩] مع أنه صلىاللهعليهوسلم قد روي عنه ما هو شعر ، وهو قوله صلىاللهعليهوسلم :
أنا النبيّ لا كذب |
|
أنا ابن عبد المطّلب |
وقوله صلىاللهعليهوسلم :
هل أنت إلّا إصبع دميت |
|
وفي سبيل الله ما لقيت |