سورة الصافات
[٩٢٢] فإن قيل : كيف جمع تعالى المشارق هنا وثناهما في سورة الرحمن ، وكيف اقتصر هنا على ذكر المشارق وذكر ثمة المغربين أيضا وذكر المغارب مع المشارق ، مجموعين في قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) [المعارج : ٤٠] وذكرهما مفردين في قوله تعالى : (قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) [الشعراء : ٢٨]؟
قلنا : لأن القرآن نزل بلغة العرب على المعهود من أساليب كلامهم وفنونه ، ومن أساليب كلامهم وفنونه الإجمال والتفصيل والبسط والإيجاز ، فأجمل تارة بقوله تعالى : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) [الرحمن : ١٧] أراد مشرقي الصيف والشتاء ومغربيهما على الإجمال ، وفصل تارة بقوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) [المعارج : ٤٠] أراد جمع مشارق السنة ومغاربها وهي تزيد على سبعمائة ، وبسط مرة بقوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) [المعارج : ٤٠] وأوجز واختصر مرة بقوله تعالى : (وَرَبُّ الْمَشارِقِ) [الصافات : ٥] لدلالة المذكور وهي المشارق على المحذوف وهو المغارب ، وكانت المشارق أولى بالذكر لأنها أشرف إما لكون الشروق سابقا في الوجود على الغروب ، أو لأن المشارق منبع الأنوار والأضواء.
[٩٢٣] فإن قيل : كيف خص سبحانه وتعالى سماء الدنيا بقوله تعالى : (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) [الصافات : ٦] مع أن غير سماء الدنيا مزينة بالكواكب أيضا؟
قلنا : إنما خصها بالذكر لأنا نحن نرى سماء الدنيا لا غير.
[٩٢٤] فإن قيل : كيف وجه قراءة الضم في قوله تعالى : (بَلْ عَجِبْتَ) [الصافات : ١٢] وهي قراءة علي وابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم واختيار الفرّاء ، والتعجّب روعة تعتري الإنسان عند استعظام الشيء ، والله تعالى لا تجوز عليه الروعة؟
__________________
[٩٢٤] النخعي : هو إبراهيم بن يزيد بن الأسود ، أبو عمران النخعي ، من مذحج ، تابعي وفقيه له مذهب. وهو كوفي. ولد سنة ٤٦ ه وتوفي متخفيا من الحجاج سنة ٩٦ ه.
ـ شريح : هو شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي ، أبو أمية. من أشهر القضاة. كان فقيها محدّثا. توفي بالكوفة سنة ٧٨ ه. ولي قضاء الكوفة في خلافة عمر وعثمان وعلي.