سورة فصلت
[٩٧١] فإن قيل : ما فائدة زيادة «من» في قوله تعالى : (وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) [فصلت : ٥] مع أن المعنى حاصل بقوله تعالى : (بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) [فصلت : ٥]؟
قلنا : لو قيل كذلك لكان المعنى أن حجابا حاصل وسط الجهتين ، وأما بزيادة من فمعناه أن الحجاب ابتداؤه منا ومنك ، فالمسافة المتوسطة بيننا وبينك مستوعبة بالحجاب لا فراغ فيها.
[٩٧٢] فإن قيل : قوله تعالى : (أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) [فصلت : ٩] إلى قوله تعالى : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) [فصلت : ١٢] يدل على أن السموات والأرض وما بينهما خلقت في ثمانية أيام. وقال تعالى في سورة الفرقان : (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) [الفرقان : ٥٩] فكيف التوفيق بينهما؟
قلنا : معنى قوله تعالى : (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) [فصلت : ١٠] في تتمة أربعة أيام ، لأنّ اليومين اللذين خلق فيهما الأرض من جملة الأربعة ، أو معناه كل ذلك في أربعة أيام يعني خلق الأرض وما ذكر بعدها فصار المجموع ستة ، وهذا لا اختلاف فيه بين المفسرين.
[٩٧٣] فإن قيل : السموات وما فيها أعظم من الأرض وما فيها بأضعاف مضاعفة فما الحكمة في أن الله خلق الأرض وما فيها في أربعة أيام ، والسموات وما فيها في يومين؟
قلنا : لأن السموات وما فيها من عالم الغيب ومن عالم الملكوت ومن عالم الأمر ؛ والأرض وما فيها من عالم الشهادة والملك. وخلق الأول أسرع من الثاني ، ووجه آخر وهو أنه فعل ذلك ليعلم أن الخلق على سبيل التدريج والتمهيل في الأرض وما فيها لم يكن للعجز عن خلقها دفعة واحدة ؛ بل كان لمصالح لا تحصل إلا بذلك ، ولهذه الحكمة خلق العالم الأكبر في ستة أيام ، والعالم الأصغر وهو الإنسان في ستة أشهر.
[٩٧٤] فإن قيل : كيف قال تعالى ، في وصف أهل النار : (فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ