سورة الشورى
[٩٧٧] فإن قيل : كيف قال تعالى : (كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ) [الشورى : ٣] بلفظ المضارع ، والوحي إلى من قبل النبي صلىاللهعليهوسلم ماض؟
قلنا : قال الزمخشري : قصد بلفظ المضارع كون ذلك عادة وسنة لله تعالى ، وهذا لا يوجد في لفظ الماضي. قلت : ويحتمل أن يكون باعتبار وضع المضارع موضع الماضي ، كما في قوله تعالى : (قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ) [الجاثية : ٢٦] ، أو بإضمار وأوحى إلى الذين من قبلك.
[٩٧٨] فإن قيل : إلى ما ذا يرجع الضمير في قوله تعالى : (يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) [الشورى : ١١] ، أي يكثركم ، وقيل يخلقكم ، وقيل يعيشكم فيه؟
قلنا : معناه في هذا التدبير أو في الجعل المذكور ، وقيل في الرّحم الذي دل عليه ذكر الأزواج.
[٩٧٩] فإن قيل : كيف قال تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١] وظاهره يقتضي إثبات المثل ونفي مثل المثل ، كما يقال : ليس كدار زيد دار. فإنه يقتضي وجود الدار لزيد؟
قلنا : فيه وجوه :
أحدها : أن المثل في لغة العرب كناية عن الذات ، ومنه قولهم : مثلي لا يقال له كذا ، ومثلك لا يليق به كذا ، فمعناه ليس كهو شيء.
الثاني : أن الكاف زائدة للتأكيد ، والمعنى ليس كمثله شيء.
الثالث : أن مثل زائدة ، فيصير المعنى ليس كهو شيء كما مر في الوجه الأول ، والفرق بين الوجهين أن المثل في الوجه الأول كناية عن الذات ، وفي الوجه الثالث زائد مطروح كأنه لم يذكر.
[٩٨٠] فإن قيل : كيف قال تعالى : (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) [الشورى : ٢٣] ولم يقل إلا مودة القربى : أي القرابة ، أو إلا المودة للقربى.
قلنا : جعلوا محلّا للمودة ومقرا لها للمبالغة ، كأنه قال : إلا المودة الثابتة المستقرة في القربى ، كما يقال ، في آل فلان مودة ، ولي فيهم هوى وحب شديد.