سورة النجم
[١٠٤١] فإن قيل : الضلال والغواية واحدة ، فما فائدة قوله تعالى : (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى) [النجم : ٢]؟
قلنا : قيل إن بينهما فرقا لأن الضلال ضد الهدى والغي ضد الرشد وهما مختلفتان مع تقاربهما. وقيل معناه ما ضل في قوله ولا غوى في فعله ، ولو ثبت اتحاد معناهما يكون من باب التأكيد باللفظ المخالف ، مع اتحاد المعنى.
[١٠٤٢] فإن قيل : كيف قال تعالى : (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) [النجم : ٩] ، أدخل كلمة الشك ، والشك محال على الله تعالى؟
قلنا : أو هنا للتخيير لا للشك ، كأنه قال سبحانه وتعالى : إن شئتم قدروا ذلك القرب بقاب قوسين ، وإن شئتم قدروه بأدنى منهما. وقيل معناه : بل أدنى. وقيل هو خطاب لهم بما هو معهود بينهم. وقيل هو تشكيك لهم لئلّا يعلموا قدر ذلك القرب ، ونظيره قوله تعالى : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) [الصافات : ١٤٧] والكلام فيهما واحد.
[١٠٤٣] فإن قيل : قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) [النجم : ١٩ ، ٢٠] من رؤية القلب لا من رؤية البصر ، فأين مفعولها الثاني؟
قلنا : هو محذوف تقديره : أفرأيتموها بنات الله وأنداده ، فإنهم كانوا يزعمون أن الملائكة وهذه الأصنام بنات الله عزوجل.
[١٠٤٤] فإن قيل : كيف قال الله تعالى : (الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) [النجم : ٢٠] فوصف الثالثة بالأخرى والعرب إنما تصف بالأخرى الثانية لا الثالثة ، فظاهر اللفظ يقتضي أن يكون قد سبق ثالثة أولى ، ثم لحقتها الثالثة الأخرى فتكون ثالثتان؟
قلنا : الأخرى نعت للعزى ، تقديره : أفرأيتم اللات والعزى الأخرى ومناة الثالثة ؛ لأنها ثالثة الصنمين في الذكر ؛ وإنما أخّر الأخرى رعاية للفواصل ، كما قال : (وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى) [طه : ١٨] ، ولم يقل أخر ، رعاية للفواصل.
[١٠٤٥] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) [النجم : ٢٨] أي لا يقوم مقام العلم ، مع أنه يقوم مقام العلم في صورة القياس؟