سورة الممتحنة
[١٠٨٩] فإن قيل : من ما ذا استثنى قوله تعالى : (إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ) [الممتحنة : ٤]؟
قلنا : من قوله تعالى : (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ) [الممتحنة : ٤] ، لأنه سبحانه أراد بالأسوة الحسنة قوله الذي حكاه عنه وعن أتباعه وأشياعه ليقتدوا به ويتخذوه سنة يستنون بها ، واستثنى سبحانه استغفاره لأبيه ، لأنه كان عن موعدة وعدها إياه.
[١٠٩٠] فإن قيل : فإن كان استغفاره لأبيه أو وعده لأبيه بالاستغفار مستثنى من الأسوة ، فكيف عطف عليه قوله : (وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) [الممتحنة : ٤] وهو لا يصح استثناؤه. ألا ترى إلى قوله تعالى : (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً) [المائدة : ١٧]؟
قلنا : المقصود بالاستثناء هو الجملة الأولى فقط ، وما بعدها ذكر لأنه من تمام كلام إبراهيم صلوات الله عليه لا بقصد الاستثناء ، كأنه قال : أنا أستغفر لك وما في طاقتي إلا الاستغفار.
[١٠٩١] فإن قيل : ما فائدة قوله تعالى : (وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) [الممتحنة : ١٢] ، ومعلوم أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم لا يأمر إلا بمعروف ، فهلا اقتصر على قوله تعالى ولا يعصينك؟
قلنا : فائدته سرعة تبادر الأفهام إلى قبح المعصية منهن ، لو وقعت ، من غير توقف الفهم على المقدمة التي أوردتم في السؤال.