سورة الصف
[١٠٩٢] فإن قيل : ما فائدة «قد» في قوله تعالى : (وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ) [الصف : ٥]؟
قلنا : فائدتها التأكيد ، كأنه قال : وتعلمون علما يقينا لا شبهة لكم فيه.
هذا جواب الزمخشري. وقال غيره : فائدتها التكثير ، لأن قد مع الفعل المضارع تارة تأتي للتقليل كقولهم : إن الكذوب قد يصدق ، وتارة تأتي للتكثير كقول الشاعر :
قد أعسف النازح المجهود معسفه |
|
في ظلّ أخضر يدعو هامة البوم |
وإنما يمتدح بما يكثر وجوده منه لا بما يقل.
[١٠٩٣] فإن قيل : كيف قال عيسى عليهالسلام : (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) [الصف : ٦] ولم يقل محمّد ومحمّد أشهر أسماء النبيّ صلىاللهعليهوسلم؟
قلنا : إنما قال أحمد ، لأنه مذكور في الإنجيل بعبارة تفسيرها أحمد لا محمد ، وإنما كان كذلك ، لأن اسمه في السماء أحمد وفي الأرض محمّد ، فنزل في الإنجيل اسمه السماوي. وقيل : إن أحمد أبلغ في معنى الحمد من محمّد ، من جهة كونه مبنيا على صيغة التفضيل. وقيل : محمد أبلغ من جهة كونه على صيغة التفضيل الذي هو للتكثير.
[١٠٩٤] فإن قيل : كيف قال تعالى : (فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) [الصف : ٦] ولم يقل سبحانه هذه ، والمشار إليه البينات وهي مؤنثة؟
قلنا : معناه هذا الذي جئت به ، فالإشارة إلى المأتيّ به.
__________________
[١٠٩٢] البيت لذي الرّمة ، من قصيدة مطلعها :
أعن ترسمت من خرقاء منزلة |
|
ماء الصبابة من عينيك مسجوم |
وهو في ديوانه : ٦٥٦.
ـ أعسف : أي أسير على غير هدى.
ـ أثبتنا البيت في المتن كما وجدناه في الأصل ، غير أن الرّواية الصحيحة للبيت هي :
قد أعسف النازح المجهول معسفه |
|
في ظلّ أخضر يدعو هامه البوم |