سورة المنافقون
[١٠٩٨] فإن قيل : ما فائدة قوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) [المنافقون : ١]؟
قلنا : لو قال تعالى : (قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) ، والله يشهد إنّهم لكاذبون [المنافقون : ١] لكان يوهم أن قولهم هذا كذب ، وليس المراد أن شهادتهم هذه كذب ؛ بل المراد أنهم كاذبون في غير هذه الشهادة. وقال أكثر المفسرين : إنه تكذيب لهم في هذه الشهادة لأنهم أضمروا خلاف ما أظهروا ولم يعتقدوا أنه رسول الله بقلوبهم ، فسماهم كاذبين لذلك ، فعلى هذا يكون ذلك تأكيدا.
[١٠٩٩] فإن قيل : المنافقون ما برحوا على الكفر ، فكيف قال تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا) [المنافقون : ٣].
قلنا : معناه ذلك الكذب الذي حكم عليهم به ، أو ذلك الإخبار عنهم بأنهم ساء ما كانوا يعملون بسبب أنهم آمنوا بألسنتهم (ثُمَّ كَفَرُوا) [المنافقون : ٣] بقلوبهم (فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ) [المنافقون : ٣] كما قال تعالى في وصفهم (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ) [البقرة : ١٤] الآية.
الثاني : أن المراد به أهل الرّدّة منهم.
[١١٠٠] فإن قيل : كيف قال تعالى : (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ) [المنافقون : ٤] ولم يقل هي العدو؟
قلنا : عليهم هو ثاني مفعولي يحسبون تقديره : يحسبون كل صيحة واقعة عليهم : أي لجبنهم وهلعهم ، فالوقف على قوله تعالى عليهم وقوله سبحانه : (هُمُ الْعَدُوُّ) [المنافقون : ٤] ابتداء كلام. وقيل : إن المفعول الثاني هو قوله تعالى : (هُمُ الْعَدُوُّ) [المنافقون : ٤] ولكن تقديره : يحسبون أهل كل صيحة عليهم هم العدوّ ، والأول أظهر بدليل عدم نصب العدو.