سورة الملك
[١١٢١] فإن قيل : ما فائدة تقديم الموت على الحياة في قوله تعالى : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ)؟ [الملك : ٢].
قلنا : إنما قدم سبحانه الموت لأنه هو المخلوق أوّلا. قال ابن عباس رضي الله عنهما : أراد به خلق الموت في الدنيا والحياة في الآخرة ، ولو سلّم أن المراد به الحياة في الدنيا فالموت سابق عليها لقوله تعالى : (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [البقرة : ٢٨].
[١١٢٢] فإن قيل : كيف قال تعالى : (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) [الملك : ٣] ؛ مع أن في خلقه سبحانه تفاوتا عظيما ، فإن الأضداد كلها من خلقه عزوجل وهي متفاوتة ؛ والسموات أيضا متفاوتة في الصغر والكبر والارتفاع والانخفاض وغير ذلك؟
قلنا : المراد بالتفاوت هنا الخلل والعيب والنقصان في مخلوقه تعالى الذي هو السموات ، ويؤيده قوله تعالى : (فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) [الملك : ٣] ، أي من شقوق وصدوع في السماء.
[١١٢٣] فإن قيل : كيف قال تعالى : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ) [الملك : ١٦] ، والله سبحانه وتعالى ليس في السماء ولا في غير السماء ؛ بل هو سبحانه منزه عن كل مكان؟
قلنا : من ملكوته في السماء ؛ لأنّها مسكن ملائكته ، ومحل عرشه وكرسيه واللوح المحفوظ ، ومنها تنزل أقضيته وكتبه وأوامره ونواهيه.
الثاني : أنهم كانوا يعتقدون التشبيه ، وأنه سبحانه وتعالى في السماء ، فخوطبوا على حسب اعتقادهم.