سورة نوح (عليهالسلام)
[١١٣٨] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) [نوح : ٤] ، فإن كان المراد به تأخيرهم عن الأجل المقدر لهم في الأزل فهو محال ، لقوله تعالى : (وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها) [المنافقون : ١١] ، وقوله تعالى : (إِنَّ أَجَلَ اللهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ) [نوح : ٤] ، وإن كان المراد به تأخيرهم إلى مجيء الأجل المقدّر لهم في الأزل ، فما فائدة تخصيصهم بهذا وهم وغيرهم في ذلك سواء ، على تقدير وجود الإيمان منهم وعدم وجوده؟
قلنا : معناه ويؤخركم عن العذاب إلى منتهى آجالكم على تقدير الإيمان ، فلا يعذّبكم في الدنيا ، كما عذّب غيركم من الأمم الكافرة فيها.
الثاني : أنه سبحانه قضى أنهم إن آمنوا عمرهم ألف سنة ، وإن لم يؤمنوا أهلكهم بالعذاب لتمام خمسمائة سنة ، فقيل لهم آمنوا يؤخركم إلى هذا الأجل.
[١١٣٩] فإن قيل : كيف أمرهم بالاستغفار ، والاستغفار إنما يصح من المؤمن دون الكافر؟
قلنا : معناه استغفروا ربكم من الشرك بالتوحيد.
[١١٤٠] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) [نوح : ١٧] ، والحيوان ضد النبات ، فكيف يطلق على الحيوان أنه نبات؟
قلنا : هو استعارة للإنشاء والإخراج من الأرض بواسطة آدم عليهالسلام.
[١١٤١] فإن قيل : كيف دعا نوح عليهالسلام على قومه بقوله : (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالاً) [نوح : ٢٤] ؛ مع أنه أرسل ليهديهم ويرشدهم؟
قلنا : إنما دعا عليهم بذلك بعد ما أعلمه الله تعالى أنهم لا يؤمنون.
[١١٤٢] فإن قيل : كيف قال نوح : (وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) [نوح : ٢٧] وصفهم بالفجور والكفر في حال ولادتهم وهم أطفال ، وكيف علم أنهم لا يلدون إلا فاجرا كفارا؟
قلنا : إنهم لا يلدون إلا من يفجر ويكفر إذا بلغ ، وإنما علم ذلك بإعلام الله تعالى ، أو وصفهم بما يئولون إليه من الفجور والكفر ؛ وعلم ذلك بإعلام الله إيّاه.