سورة عبس
[١١٧٥] فإن قيل : كيف قال الله تعالى : (كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ) [عبس : ١١] ، ثم قال سبحانه وتعالى : (فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) [عبس : ١٢] ، ولم يقل ذكرها؟
قلنا : الضمير المؤنث لآيات القرآن أو لهذه السورة ، والضمير في قوله تعالى ذكره راجع إلى القرآن. وقيل : راجع إلى معنى التذكرة وهو الوعظ والتذكير لا إلى لفظها.
[١١٧٦] فإن قيل : في قوله تعالى : (وَفاكِهَةً وَأَبًّا) [عبس : ٣١] روي أن عمر رضي الله تعالى عنه قرأ هذه الآية وقال : كل هذا قد عرفنا فما الأب؟ ثم قال : هذا لعمر الله التكلف ، وما عليك يا عمر أن لا تدري ما الأب ، ثم قال : اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب وما لا فدعوه ، وهذا شبيه النهي عن تتبع معاني القرآن والبحث عن مشكلاته؟
قلنا : لم يرد بقوله ما ذكرت ، ولكن الصحابة رضي الله عنهم كانت أكثر هممهم عاكفة على العمل ، وكان الاشتغال بعلم لا يعمل به تكلفا عندهم ، فأراد أن الآية مسوقة في الامتنان على الإنسان بمطعمه واستدعاء شكره ، وقد علم من فحوى الآية أن الأب بعض ما أنبته الله تعالى للإنسان متاعا له ولأنعامه ، فكأنه قال : عليك بما هو الأهم فالأهم ، وهو الشكر على ما تبين لك ، ولم يشكل مما عدد من نعمه تعالى ، ولا تتشاغل عنه بطلب معنى الأب ومعرفة النبات الخاص ، واكتف بمعرفته منه جملة إلى أن يتبين لك في وقت آخر. وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه سئل عن الأب فقال : أي سماء تظلني وأي أرض تقلّني إذا قلت في كتاب الله بما لا علم لي به. وأكثر المفسرين قالوا : الأب كل ما ترعاه البهائم.