سورة التكوير
[١١٧٧] فإن قيل : كيف قال الله تعالى : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) [التكوير : ٨ ، ٩] ، والسؤال إنّما يحسن للقاتل لا للمقتول؟
قلنا : إنما سؤالها لتبكيت قاتلها وتوبيخه بما تقوله من الجواب ، فإنّها تقول : قتلت بغير ذنب ، ونظيره في التبكيت والتّوبيخ قوله تعالى ، لعيسى عليهالسلام : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي) [المائدة : ١١٦] ؛ حتى قال : سبحانك (ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍ) [المائدة : ١١٦].
[١١٧٨] فإن قيل : كيف قال الله تعالى : (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) [التكوير : ١٤] فأثبت العلم لنفس واحدة ؛ مع أن كلّ نفس تعلم ما أحضرت يوم القيامة ؛ بدليل قوله تعالى : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً) [آل عمران : ٣٠]؟
قلنا : هذا مما أريد به عكس مدلوله ، ومثله كثير في كلام الله تعالى ، وكلام العرب كقوله تعالى : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ) [الحجر : ٢] ؛ فإن رب هنا بمعنى كم للتكثير ، وقوله تعالى حكاية عن موسى عليه الصلاة والسلام لقومه : (وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ) [الصف : ٥] ، وقول الشاعر :
قد أترك القرن مصفرّا أنامله |
|
كأنّ أثوابه مجّت بفرصاد |
__________________
[١١٧٨] القرن : هو الكفؤ في الشجاعة. ويقال للأعم من ذلك.
ـ الفرصاد : هو التّوت ، أو الأحمر منه خاصة. وصبغ أحمر.
ـ والبيت لعبيد بن الأبرص ، في ديوانه : ٤٩.