سورة العلق
[١٢٠٨] فإن قيل : أين مفعول خلق الأول :
قلنا : يحتمل وجهين :
أحدهما : أن لا يقدّر له مفعول ؛ بل يكون المراد الذي حصل منه الخلق واستأثر به لا خالق سواه ؛ كما قال تعالى : (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ) [الملك : ١٤] في أحد الوجهين ، وقولهم : فلان يعطي ويمنع ويصل ويقطع.
الثاني : أن يكون مفعوله مضمرا تقديره : الذي خلق كل شيء ، ثم أفرد الإنسان بالذكر تشريفا له وتفضيلا.
[١٢٠٩] فإن قيل : كيف قال تعالى : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) [العلق : ٢] على الجمع ولم يقل : من علقة؟
قلنا : لأن الإنسان في معنى الجمع بدليل قوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) [العصر : ٢ ، ٣] ، والجمع إنما خلق من جمع علقة لا من علقة.
[١٢١٠] فإن قيل : هذا الجواب يرده قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) [الحج : ٥]؟
قلنا : المراد فإنا خلقنا أباكم من تراب ، ثم خلقنا كل واحد من أولاده من نطفة.
وقيل : إنما قال من علق رعاية للفاصلة الأولى وهي خلق.