سورة قريش
[١٢٢٤] فإن قيل : بأيّ شيء تتعلق اللّام في قوله تعالى : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ)؟ [قريش : ١].
قلنا : قيل إنها متعلقة بآخر السورة التي قبلها ، أي فجعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش ، ويؤيد هذا أنهما في مصحف أبيّ رضي الله عنه سورة واحدة بلا فصل. والمعنى أنه أهلك أصحاب الفيل الذي قصدوهم ليتسامع الناس بذلك فيهابوهم ويحترموهم ، فينتظم لهم الأمر في رحلتهم ولا يجترئ أحد عليهم.
وقيل : معناه أهلكهم ليألف قريش رحلة الشّتاء والصيف بهلاك من كان يخيفهم ويمنعهم.
وقيل : إنها متعلقة بما بعدها ، وهو قوله تعالى : (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ) [قريش : ٣] إيلافهم رحلة الشتاء والصيف. معناه أن نعم الله تعالى عليهم لا تحصى ، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدون لهذه النعمة الظاهرة.
وقيل : هي لام التعجب معناه اعجبوا لإيلاف قريش. وكانت لقريش في كل سنة رحلتان للتجارة التي بها معاشهم ، رحلة في الشتاء إلى اليمن ، ورحلة في الصيف إلى الشام.
ثم قيل : الإيلاف هنا مصدر بمعنى الإلف تقول : آلفته إيلافا بالمد ، كما تقول ألفته إلفا بالقصر كلاهما متعد إلى مفعول واحد ، فيكون لإيلاف قريش لإلف قريش ، أي لحبهم الرحلتين. وقيل آلف بالمد متعد إلى مفعولين ، يقال ألف زيد المكان وآلف زيد عمرا المكان ، فيكون معنى الآية لإيلاف الله تعالى قريشا الرحلتين ؛ فعلى هذا الوجه يكون المصدر مضافا إلى المفعول ، وعلى الوجه الأول يكون مضافا إلى الفاعل.
وأمّا تكرار إضافة المصدر في قوله تعالى : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ) [قريش : ١ ، ٢] ، فقيل : إن الثاني بدل من الأول. وقيل : إنه للتأكيد ، كما تقول : أعطيتك المال لصيانة وجهك صيانة عن ذل السؤال.