سورة المائدة
[٢٠٨] فإن قيل : كيف الارتباط والمناسبة بين قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المائدة : ١] وقوله : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) [المائدة : ١]؟
قلنا : المراد بالعقود عهود الله عليهم في تحليل حلاله وتحريم حرامه ، فبدأ بالمجمل ثم أتبعه بالمفصل من قوله : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) [المائدة : ١] وقوله بعده : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) [المائدة : ٣] الآية.
[٢٠٩] فإن قيل : ما أكله السبع وعدم وتعذر أكله ، فكيف يحسن فيه التحريم حتى قال : (وَما أَكَلَ السَّبُعُ) [آل عمران : ٥]؟
قلنا : معناه وما أكل منه السبع ، يعني الباقي بعد أكله.
[٢١٠] فإن قيل : قوله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) [المائدة : ٣] ، يدل من حيث المفهوم عرفا على أنه لم يرض لهم الإسلام دينا قبل ذلك اليوم ، وليس كذلك ، فإن الإسلام لم يزل دينا مرضيا للنبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه عند الله منذ أرسله عليه الصلاة والسلام.
قلنا : قوله اليوم ظرف للجملتين الأوليين لا للجملة الثالثة ؛ لأن الواو الأولى للعطف ، والثانية للابتداء ؛ فالجملة الثالثة مطلقة غير موقتة.
[٢١١] فإن قيل : قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) [المائدة : ٤] كيف صلح جوابا لسؤالهم والطيبات غير معلومة ولا متفق عليها لأنها تختلف باختلاف الطباع والبقاع؟
قلنا : المراد بالطيبات هنا الذبائح ، والعرب تسمي الذبيحة طيّبا وتسمي الميتة خبيثا ، فصار المراد معلوما لكنه عام مخصوص كغيره من العمومات.
[٢١٢] فإذا قيل : ما فائدة قوله : (مُكَلِّبِينَ) بعد قوله : (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ) [المائدة : ٤] والمكلّب هو المعلم من كلاب الصيد؟
__________________
[٢١٢] قول المصنف : «فعلى هذا لا يكون تكرارا» وجهه غير ظاهر بمجرد تفسير (مكلبين) بما ذكر ؛ بل دفع التكرار إنما يتم بأن يكون مكلبين حالا من ضمير علمتم ، كما هو رأي العكبري في إملائه.