سورة الأنعام
[٢٧٠] فإن قيل : كيف جمع الظلمة دون النور في قوله تعالى : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) [الأنعام : ١]؟
قلنا : ترك جمعه استغناء عنه بجمع الظلمة قبله فإنه يدل عليه ، كما ترك جمع الأرض أيضا استغناء عنه بجمع السماء قبله في قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) [الأنعام : ١].
الثاني : أن الظلمة اسم والنور مصدر ، نقله المفضل ، والمصادر لا تجمع.
[٢٧١] فإن قيل : ما فائدة قوله تعالى : (وَجَهْرَكُمْ) [الأنعام : ٣] بعد قوله :
(يَعْلَمُ سِرَّكُمْ) [الأنعام : ٣] ومعلوم أن من يعلم السر يعلم الجهر بالطريق الأولى؟
قلنا : إنما ذكره للمقابلة كما في قوله تعالى : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) [البقرة : ٢٠٣] في بعض الوجوه.
[٢٧٢] فإن قيل : كيف خص السكون بالذكر دون الحركة في قوله : (وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) [الأنعام : ١٣] على قول من فسره بما يقابل الحركة؟
قلنا : لأن السكون أغلب الحالتين على كل مخلوق من الحيوان والجماد ، ولأن الساكن من المخلوقات أكثر عددا من المتحرك ، أو لأن كل متحرك يصير إلى السكون من غير عكس ، أو لأن السكون هو الأصل والحركة حادثة عليه وطارئة. وقيل : فيه إضمار تقديره : ما سكن وتحرك فاكتفى بأحدهما اختصار لدلالته على مقابله ، كما في قوله تعالى : (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) [النحل : ٨١] أي والبرد.
[٢٧٣] فإن قيل : كيف قال : (وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ) [الأنعام : ١٤] ولم يقل وهو ينعم ولا ينعم عليه ، وهذا أعم لتناوله الإطعام وغيره؟
قلنا : لأن الحاجة إلى الرزق أمس فخص بالذكر.
والثاني : أن كون المطعم آكلا متغوطا أقبح من كونه منعما عليه ، فلذلك ذكره.
[٢٧٤] فإن قيل : قوله تعالى : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ) [الأنعام : ١٩] يقتضي
__________________
[٢٧٤] ـ قوله في الجواب : «ألا ترى أن الموجود ، الخ». فيه نظر ، فتأمل!