بسم الله الرحمن الرحيم
[مقدمة المؤلف]
قال الفقير إلى رحمة الله ربه ومغفرته : محمّد بن أبي بكر بن عبد القادر الرّازي ، عفا الله عنه ، وغفر له ولجميع المسلمين :
الحمد لله ربّ العالمين ، هذا مختصر جمعت فيه أنموذجا يسيرا من أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها ؛ فمنه ما نقلته من كتب العلماء إلّا أني نقحته ولخصته ، ومنه ما فتح الله تعالى عليّ به ، بسبب مذاكرة أخ لي من إخوان الصفاء في دين الله ومحبة كتابه ؛ وكان صالحا تقيا سليم الفطرة وقّاد الذهن ، جامعا لجملة من مكارم الأخلاق وصفات الكمال الإنساني. أنعم الله تعالى عليّ بصحبته ومذاكرته في معاني كتابه. وكان شديد العناية بها ، كثير البحث والسؤال عنها ؛ قد هداه الله إليها ، وفتح عليه فيها بغرائب لم نسمعها من العلماء ، ولا رأيناها في كتبهم. فحملتني فكرته القادحة ونيّته الصالحة على جمع هذه الصبابة (١) ؛ وهي تزيد على ألف ومائتي سؤال ؛ وإن كانت بالنّسبة إلى ما في القرآن من العجائب والغرائب كالقطرة من الدّأماء (٢) ، والسها (٣) من نجوم السماء ؛ ولكن ، قصدت اختصار هذا الأنموذج منها وتقريبه إلى الأفهام ، ليكثر الانتفاع به ، ولا يهجر لدقّته وغموضه.
وأما الأسئلة التي تتعلّق بوجوه الإعراب ، وبالمعاني التي هي أدقّ على الأفهام وأخفى ، فإنّي وضعت لها مختصرا آخر ، وأودعته أنموذجا منها أيضا ، فليطلب ثمّة. وبالله أستعين ، وعليه أتوكّل ، وإليه أتضرع في أن يجعل علمي وعملي خالصا لوجهه الكريم ، ويتغمدني وأخي الصالح بمغفرته ورحمته ؛ إنّه غفور رحيم.
__________________
(١) الصبابة : تقال للشيء القليل أو لما تبقّى من الشيء ، كالقليل من الماء أو البقية من الماء أو اللّبن ونحو ذلك.
(٢) الدأماء : البحر. ويقال تأدم الماء الشّيء إذا غمره.
(٣) السها : كوكب تصعب رؤيته من بنات نعش الكبرى. ويقال له الصيدق.