وقال أبو حيّان (١) : والفرق بين هذا الوجه يعني كونها بمعنى «بئس» ، والوجه الذي قبله ـ يعني كونها تعجبيّة ـ أنه لا يشترط فيه ما يشترط في فاعل «بئس» من الأحكام ، ولا هو جملة منعقدة من مبتدأ وخبر ، [إنما هو منعقد من فعل أو فاعل انتهى ، وظاهره لا يظهر إلّا بتأويل ، وهو أن الذم لا بد فيه من مخصوص بالذّمّ ، وهو مبتدأ ، والجملة الفعلية قبله خبره فانعقد من هذه الجملة مبتدأ وخبر](٢).
إلا أنّ لقائل أن يقول : إنما يتأتّى هذا على أحد الأعاريب في [المخصوص](٣) وعلى تقدير التّسليم ، فلا مدخل للمخصوص بالذّمّ في جملة الذّمّ بالنسبة إلى كونها فعليّة ، فحينئذ لا يظهر فرق بينها وبين التّعجبية في أنّ كلّا منهما منعقدة من فعل وفاعل.
قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : «بئس الحمل حملوا».
قوله تعالى : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ)(٣٢)
قوله عزوجل : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ) يجوز أن يكون من المبالغة جعل الحياة نفس اللّعب واللهو كقول [القائل](٤) : [البسيط]
٢١٤٧ ـ .......... |
|
فإنّما هي إقبال وإدبار (٥) |
وهذا أحسن ، ويجوز أن يكون في الكلام حذف ، أي : وما أعمال الحياة.
وقال الحسن البصري : «وما أهل الحياة الدنيا إلّا أهل لعب» فقدّر شيئين محذوفين.
واللهو : صرف النّفس عن الجدّ إلى الهزل ، ومنه لها يلهو.
وأمّا لهي عن كذا فمعناه صرف نفسه ، والمادّة واحدة انقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها ، نحو : شقي ورضي.
وقال المهدوي : «الذي معناه (٦) الصّرف لامه ياء ، بدليل قولهم : «لهيان» ، ولام الأول واو».
قال أبو حيّان (٧) : «وليس بشيء ؛ لأن «الواو» في التثنية انقلبت ياء ، فليس أصلها الياء ألا ترى تثنية «شج» : «شجيان» وهو من الشّجو» انتهى.
يعني : أنهم يقولون في اسم فاعله : «له» ك «شج» والتثنية مبنيّة على المفرد ، وقد انقلبت في المفرد فلتنقلب في المثنى.
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٤ / ١١٢.
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : في الحضور.
(٤) سقط في ب.
(٥) تقدم.
(٦) في ب : الذي جعل معناه.
(٧) ينظر : البحر المحيط ٤ / ١١٣.