قال شهاب الدين (١) : فلنا فيه بحث حسن أودعناه «التفسير الكبير» ولله الحمد [قال : وبهذا](٢) يظهر فساد ردّ المهدوي على الرّمّاني ، فإنّ الرّمّاني قال : «اللّعب عمل يشغل النفس عما تنتفع به ، واللهو صرف النفس من الجدّ إلى الهزل ، يقال : لهيت عنه ، أي صرفت نفسي عنه».
قال المهدوي ـ رحمهالله ـ : «وفيه ضعف وبعد ، لأنّ الذي فيه معنى الصّرف لامه ياء ، بدليل قولهم في التّثنية لهيان» انتهى.
وقد تقدّم فساد هذا الرّدّ.
وقال الراغب (٣) : «اللهو ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمّه ، يقال : لهوت بكذا أو لهيت عن كذا : اشتغلت عنه بلهو». وهذا الذي ذكره الراغب هو الذي حمل المهدوي على التّفرقة بين المادّتين.
[فصل في ذم الحياة الدنيا
اعلم أن منكري البعث تعظم رغبتهم في الدّنيا ، فنبّه الله ـ تعالى ـ في هذه الآية الكريمة على خساستها.
واعلم أن نفس هذه الحياة لا يمكن ذمها ؛ لأن اكتساب السّعادات الأخروية لا تصح إلّا فيها ، فلهذا السبب حصل في تفسير الآية قولان :
الأول : قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : يريد حياة أهل الشرك والنفاق (٤) ؛ لأن حياة المؤمن يحصل فيها أعمال](٥) صالحة.
والثاني : أنه عامّ في حياة المؤمن والكافر وإنما سماها باللعب واللهو ؛ لأن الإنسان حال اشتغاله باللّعب واللهو ، فإنه يلتذّ به ، وعند انقضائه لا يبقى منه إلّا النّدامة ، [فكذلك هذه الحياة لا يبقى عند انقضائها إلّا النّدامة](٦) ، وفي تسمية هذه الحياة باللعب واللهو وجوه :
أحدها : أن مدّة اللّعب واللهو قليلة سريعة الانقضاء ، وكذلك هذه الحياة الدنيا.
وثانيها : أنّ اللعب واللهو إنما يحصل عند الاغترار بظواهر الأمور ، وأمّا عند التّأمّل التّامّ لا يبقى اللعب واللهو أصلا ، وكذلك فإن اللعب واللهو إنما يحصل للصّبيان والجهّال والمغفّلين.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ٤٥.
(٢) سقط في أ.
(٣) ينظر : المفردات ٤٥٥.
(٤) ذكره الرازي في «تفسيره» (١٢ / ١٦٥) عن ابن عباس.
(٥) سقط في ب.
(٦) سقط في ب.