٢١٥٤ ـ ولا لكما منجى من الأرض فابغيا |
|
بها نفقا أو في السّموات سلّما (١) |
وهو مشتقّ من السّلامة ، قالوا : لأنه يسلم به إلى المصعد والسّلّم مذكّر ، وحكى الفرّاء تأنيثه(٢).
قال بعضهم : ليس ذلك بالوضع ، بل لأنه بمعنى المرقاة ، كما أنّث بعضهم الصوت في قوله : [البسيط]
٢١٥٥ ـ .......... |
|
سائل بني أسد ما هذه الصّوت (٣) |
لمّا كان في معنى الصّرخة.
فصل في نزول الآية
روى ابن عباس أن الحرث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في محضر (٤) من قريش ، فقالوا : يا محمد ائتنا (٥) بآية من عند الله ، كما كانت الأنبياء تفعل فإنا نصدق بك ، فأبى الله أن يأتيهم بآية ، فأعرضوا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فشقّ ذلك عليه ، فنزلت هذه الآية (٦).
والمعنى : وإن عظم عليك إعراضهم عن الإيمان وشقّ ذلك عليك. وكان ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ يحرص على إيمان قومه أشدّ الحرص وكانوا إذا سألوا آية أحبّ أن يريهم الله ذلك طمعا في إيمانهم ، فقال الله عزوجل : (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ) أي : تطلب وتتّخذ نفقا ـ سربا ـ في الأرض فتذهب فيه ، أو سلّما درجا ومصعدا في السماء فتصعد فيه فتأتيهم بآية فافعل ، ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فآمنوا كلهم ، وهذا يدلّ على أنه ـ تعالى ـ لا يريد الإيمان من الكافر ، بل يريد إبقاءه على الكفر ، وتقريره : أن قدرة الكافر على الكفر إمّا أن تكون صالحة للإيمان ، أو غير صالحة له ، فإن لم تكن صالحة له فالقدرة على الكفر مستلزمة للكفر وغير صالحة للإيمان ، وخالق هذه القدرة يكون قد أراد الكفر منه لا محالة ، وأما إن كانت هذه القدرة كما أنها صالحة للكفر ، فهي أيضا صالحة للإيمان ، فيكون نسبة القدرة إلى الطّرفين مستوية ، فيمتنع رجحان أحد
__________________
(١) ينظر : البحر ٤ / ١١٨. الدر المصون ٣ / ٥١.
(٢) ينظر : المذكر والمؤنث ٩٧.
(٣) البيت لرويشد بن كثير الطائي.
ينظر : الدرر ٦ / ٢٣٩ ، سر صناعة الإعراب ص (١١) ، شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص (١٦٦) ، شرح المفصل ٥ / ٩٥ ، لسان العرب (صوت) ، الأشباه والنظائر ٢ / ١٠٣ ، ٥ / ٢٣٧ ، الإنصاف ص (٧٧٣) ، الخصائص ٢ / ٤١٦ ، تخليص الشواهد ص (١٤٨) ، خزانة الأدب ٤ / ٢٢١ ، همع الهوامع ٢ / ١٥٧ ، الدر المصون ٣ / ٥١ ، البحر المحيط ٤ / ١١٩.
(٤) ينظر : الرازي ١٢ / ١٧١.
(٥) في ب : ائتنا.
(٦) ذكره الرازي في «تفسيره» (١٢ / ١٧١) عن ابن عباس.