وقيل : إنّ النّطفة أصلها الطّين كما تقدّم.
وقال أكثر المفسّرين : ثمّ محذوف ، أي : خلق أصلكم أو أباكم من طين ، يعنون آدم وقصّته مشهورة.
وقال امرؤ القيس : [الوافر]
٢١٠٢ ـ إلى عرق الثّرى رسخت عروقي |
|
وهذا الموت يسلبني شبابي (١) |
قالوا : أراد بعرق الثّرى آدم عليه الصلاة والسلام لأنّه أصله.
فصل في بيان معنى (خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ)
قوله : (خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ) [يعني أباكم](٢) آدم خاطبهم به ، إذ كانوا من ولده.
قال السّديّ (٣) : بعث الله جبريل إلى الأرض ليأتيه بطائفة منها ، فقالت الأرض : إنّي أعوذ بالله منك أن تنقض مني ، فرجع جبريل ، ولم يأخذ ، قال يا ربّ : إنّها عاذت بك ، فبعث ميكائيل فاستعاذت ، فرجع ، فبعث ملك الموت ، فعاذت منه بالله ، فقال : وأنا أعوذ بالله أن أخالف أمره فأخذ من وجه الأرض فخلط الحمراء والسوداء والبيضاء فلذلك اختلف ألوان بني آدم ، ثمّ عجنها بالماء العذب والملح والمرّ ، فلذلك اختلفت أخلاقهم ، فقال الله لملك الموت : «رحم جبريل وميكائيل الأرض ، ولم ترحمهما لا جرم أجعل أرواح من خلق من هذا الطّين بيدك».
وروي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ : «خلق الله آدم من تراب ، وجعله طينا ، ثمّ تركه حتّى كان حمأ مسنونا ، ثمّ خلقه وصوّره وتركه حتّى كان صلصالا كالفخّار ، ثمّ نفخ فيه روحه» (٤).
قال القرطبي (٥) : عن سعيد بن جبير قال : «خلق الله آدم من (٦) أرض يقال لها دجناء».
قال الحسن (٧) : «وخلق جؤجؤه من ضريّة»
قال الجوهري (٨) : «ضريّة» قرية لبني كلاب على طريق «البصرة» ، وهي إلى «مكة» أقرب.
وعن ابن مسعود قال : إنّ الله بعث إبليس ، فأخذ من أديم (٩) الأرض من عذبها
__________________
(١) ينظر : ديوانه (٤٣) ، والبحر ٤ / ٧٥ شرح المفضليات ١ / ١٦٥ ، اللسان (وشج) الدر المصون ٣ / ٤.
(٢) سقط في أ.
(٣) تقدم.
(٤) تقدم.
(٥) ينظر : تفسير القرطبي ٦ / ٢٥٠.
(٦) في ب : بين.
(٧) ينظر : تفسير القرطبي ٦ / ٢٥٠.
(٨) ينظر : الصحاح ٩ / ٢٤٠٩ ، القرطبي ٦ / ٢٥٠.
(٩) في أ : أدم.