وقيل : يعود على المأخوذ والمختوم المدلول عليهما بالأخذ والختم ، والاستفهام هنا للإنكار.
والجمهور (١) : «به انظر» بكسر الهاء على الأصل ، وروى المسيّبي عن نافع «به انظر» بضم الهاء [وهي لغة من يقر أ«فخسفنا بهو وبدار هو الأرض» فحذف «الواو» لالتقاء الساكنين ، فصار «به انظر» والباقون بكسرها (٢).
وقرأ حمزة (٣) ، والكسائي «يصدفون» بإشمام الزّاي ، والباقون بالصاد (٤).
فصل في معنى الآية
قال ابن عبّاس : المعنى : أيّها المشركون إن أخذ الله ، أي : أذهب وانتزع سمعكم وأبصاركم ، وختم على قلوبكم ، أي : طبع على قلوبكم فلم تعقل الهدى (٥).
وقيل : معناه : أزال عقولكم حتى تصيروا كالمجانين.
وقيل : المراد من هذا الختم الأمانة.
فصل في إثبات الصانع
المراد من هذا الكلام الدّلالة على وجود الصانع الحكيم المختار ؛ لأن أشرف أعضاء الإنسان هو السّمع والبصر والقلب ، والأذن محل القوة السّامعة ، والعين محلّ القوة الباصرة ، والقلب محلّ الحياة والعلم والعقل ، فلو زالت هذه الصّفات عن هذه الأعضاء اختلّ أمر الإنسان ، وبطلت مصالحه في الدنيا والدّين.
ومن المعلوم بالضرورة أن القادر على تحصيل هذه القوى فيها ، وصونها عن الآفات ليس إلا الله تعالى ، وإذا كان الأمر كذلك كان المنعم بهذه النعم العظيمة هو الله سبحانه وتعالى.
قوله : (انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ).
«كيف» معمول ل «نصرّف» ونصبها : إمّا على التّشبيه بالحال ، أو التشبيه بالظّرف ، وهي معلّقة ل «انظر» فهي في محلّ نصب بإسقاط حرف الجرّ ، وهذا ظاهر مما تقدّم.
و «نصرّف» : نبيّن ، و «يصدفون» معناه : يعرضون ، يقال : صدف عن الشيء صدفا وصدوفا وصدافية ، وصادفته مصادفة أي : لقيته عن إعراض من جهته.
قال عديّ بن الرقاع : [البسيط]
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ٦٦ ، البحر المحيط ٤ / ١٣٥ ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ١٢ ، السبعة ٣ / ٣١٠.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ٦٦ ، البحر المحيط ٤ / ١٣٥ ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ١٢ ، السبعة ٣ / ٣١٠.
(٣) ينظر : إتحاف فضلاء البشر ٢ / ١٢.
(٤) ينظر : إتحاف فضلاء البشر ٢ / ١٢.
(٥) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٦ / ٢٧٦) عن ابن عباس.