وقوله : «سلام» مبتدأ ، وجاز الابتداء به وإن كان نكرة ؛ لأنه دعاء ، والدّعاء من المسوّغات.
وقال أبو البقاء (١) : «لما فيه من معنى الفعل» وهذا ليس من مذهب جمهور البصريين ، وإنما هو شيء نقل عن الأخفش : أنه إذا كانت النكرة في معنى الفعل جاز الابتداء بها ورفعها الفاعل ، وذلك نحو : «قائم أبواك» ونقل ابن مالك أن سيبويه (٢) أومأ إلى جوازه ، واستدلال الأخفش بقوله : [الطويل]
٢١٨٢ ـ خبير بنو لهب فلا تك ملغيا |
|
مقالة لهبيّ إذا الطّير مرّت (٣) |
ولا دليل فيه ؛ لأنّ «فعيلا» يقع بلفظ واحد للمفرد وغيره ، ف «خبير» خبر مقدّم ، واستدلّ له أيضا بقول الآخر : [الوافر]
٢١٨٣ ـ فخير نحن عند النّاس منكم |
|
إذا الدّاعي المثوّب قال : يا لا (٤) |
ف «خير» مبتدأ ، و «نحن» [فاعل](٥) سدّ مسدّ الخبر.
فإن قيل : لم لا يجوز أن يكون «خير» خبرا مقدّما ، و «نحن» مبتدأ مؤخر؟
قيل : لئلا يلزم الفصل بين «أفعل» و «من» بأجنبي بخلاف جعله فاعلا ، فإن الفاعل كالخبر بخلاف المبتدأ.
و «عليكم» خبره ، و (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) أبلغ من «سلاما عليكم» بالنصب ، وقد تقرّر هذا في أوّل «الفاتحة» عند قراءة «الحمد» و «الحمد».
وقوله : (كَتَبَ رَبُّكُمْ) في محلّ نصب بالقول ؛ لأنه كالتفسير لقوله : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ).
فصل في نزول الآية
قال عكرمة : نزلت في الذين نهى الله ـ عزوجل ـ نبيّه صلىاللهعليهوسلم عن طردهم ، وكان
__________________
(١) ينظر : الإملاء ١ / ٢٤٤.
(٢) ينظر : الكتاب ١ / ١٦٦.
(٣) البيت لرجل من الطائيين.
ينظر : تخليص الشواهد ص (١٨٢) ، شرح التصريح ١ / ١٥٧ ، المقاصد النحوية ١ / ٥١٨ ، أوضح المسالك ١ / ١٩١ ، الدرر ٢ / ٧ ، شرح الأشموني ١ / ٩٠ ، شرح ابن عقيل ص (١٠٣) ، شرح عمدة الحافظ ص (١٥٧) ، شرح قطر الندى ص (٢٧٢) ، همع الهوامع ١ / ٩٤ ، الدر المصون ٣ / ٧٣.
(٤) البيت لزهير بن مسعود الضبي.
ينظر : تخليص الشواهد ص (١٨٢) ، خزانة الأدب ٢ / ٦ ، الدرر ٣ / ٤٦ ، شرح شواهد المغني ٢ / ٥٩٥ ، ٨٤٧ ، المقاصد النحوية ١ / ٥٢٠ ، نوادر أبي زيد ص (٢١) ، الخصائص ١ / ٢٧٦ ، ٢ / ٢٧٥ ، ٣ / ٢٢٨ ، ورصف المباني ص (٢٩) ، ٢٣٧ ، ٣٥٤ ، شرح ابن عقيل ص (١٠٢) ، لسان العرب (يا) ، مغني اللبيب ١ / ٢١٩ ، ٢ / ٤٤٥ ، همع الهوامع ١ / ١٨١ ، الدر المصون ٣ / ٧٣.
(٥) سقط في ب.