أمّا على صفات القلوب ، وهو العلم والجهل ، فليس في هذه الآيات ما يدلّ على اطّلاعهم عليها.
أمّا في الأقوال ، فلقوله تعالى : (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق : ٨].
وأمّا في الأفعال ، فلقوله تعالى : (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ) [الانفطار : ١٠ ـ ١٢].
وأمّا الإيمان والكفر ، والإخلاص والإشراك فلم يدلّ دليل على اطّلاع الملائكة عليها.
فصل في فائدة توكيل الملائكة علينا
وفي فائدة جعل الملائكة موكّلين على بني آدم وجوه :
أحدها : أنّ المكلّف إذا علم أن الملائكة موكلين به يحصون عليه عمله ، ويكتبونه في صحيفة تعرض على رءوس الأشهاد في مواقف القيامة كان ذلك أزجر له عن القبائح.
والثاني : يحتمل أن تكون الكتابة لفائدة وزن تلك الصّحائف يوم القيامة ؛ لأن وزن الأعمال غير ممكن ، أمّا وزن الصحائف ممكن.
وثالثها : يفعل الله ما يشاء ، ويحكم ما يريد ، ويجب علينا الإيمان بكل ما ورد به الشرع ، سواء عقلناه أم لم نعقله.
قوله : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) تقدّم مثله.
وقوله : «توفّته» قرأ الجمهور (١) «توفّته» ، ماضيا بتاء التأنيث لتأنيث الجمع.
وقرأ حمزة (٢) : «توفّاه» من غير تاء تأنيث ، وهي تحتمل وجهين :
أظهرهما : أنه ماض ، وإنما حذف تاء التأنيث لوجهين :
أحدهما : كونه تأنيثا مجازيا.
والثاني : الفصل بين الفعل وفاعله بالمفعول.
والثاني : أنه مضارع ، وأصله : تتوفّاه بتاءين ، فحذفت إحداهما على خلاف في أيّتهما ك «تنزّل» وبابه ، وحمزة على بابه في إمالة مثل هذه الألف.
وقرأ الأعمش (٣) : «يتوفّاه» مضارعا بياء الغيبة اعتبارا بكونه مؤنثا مجازيا ، أو للفصل ، فهو كقراءة حمزة في الوجه الأوّل من حيث تذكير الفعل وكقراءته في الوجه الثاني من حيث إنه أتى به مضارعا.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ٨١ ، البحر المحيط ٤ / ١٥٢.
(٢) ينظر : الدر المصون ٣ / ٨١ ، البحر المحيط ٤ / ١٥٢.
(٣) ينظر : الدر المصون ٣ / ٨١ ، البحر المحيط ٤ / ١٥٢.