فقدم «غافلا» على صاحبها ، وهو «المرء» ، وعلى عاملها وهو «تعرض» فهذا أولى. ومنه [الطويل]
٢١٩٤ ـ لئن كان برد الماء هيمان صاديا |
|
إليّ حبيبا إنّها لحبيب (١) |
أي : إليّ هيمان صاديا ، ومثله : [الطويل]
٢١٩٥ ـ فإن يك أذواد أصبن ونسوة |
|
فلن يذهبوا فرغا بقتل حبال (٢) |
«فرغا» حال من «يقتل» ، و «حبال» بالمهملة اسم رجل مع أن حرف الجر هنا زائد ، فجوازه أولى مما ذكرناه.
فصل في المراد بالآية
معنى الآية : قل لهم يا محمد : لست عليكم برقيب ، وقيل : بمسلّط ألزمكم الإيمان شئتم أو أبيتم ، وأجازيكم على تكذيبكم ، وإعراضكم عن قبول الدلائل ، إنما أنا رسول ومنذر ، والله المجازي لكم بأعمالكم.
قال ابن عبّاس والمفسرون : نسختها آية القتال ، وهو بعيد (٣).
قوله : (لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ) [الأنعام : ٦٧] يجوز رفع «نبأ» بالابتدائية ، وخبره الجارّ قبله ، وبالفاعلية عند الأخفش بالجار قبله ، ويجوز أن يكون «مستقر» اسم مصدر أي : استقرار [مكان ، أو زمان ؛](٤) لأن ما زاد على الثّلاثيّ كان المصدر منه على زنة اسم المفعول ؛ نحو ، «المدخل» و «المخرج» بمعنى «الإدخال» و «الإخراج» ، والمعنى أن لكل وعد ووعيد من الله استقرار ، ولا بد وأن يعلموا [أن الأمر كما أخبر الله تعالى](٥) ويجوز أن يكون مكان الاستقرار أو زمانه [وأن](٦) لكل خبر يخبره الله وقتا أو مكانا يحصل فيه من غير خلف ولا تأخير ، وهذا الذي خوّف الكفار به يجوز أن يكون المراد به عذاب الآخرة ، ويجوز أن يكون المراد منه الاستيلاء عليهم بالحرب والقتل في الدّنيا.
قوله تعالى : (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)(٦٨)
قال تعالى في الآية الأولى (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) فتبيّن به أنه لا يجب على الرّسول ملازمة المكذّبين بهذا الدّين.
__________________
(١) البيت للمجنون ينظر : ديوانه ص (٤٩) ، سمط اللآلىء ص (٢٤٠٠) ، ولعروة بن حزام في خزانة الأدب ٣ / ٢١٢ ، ٢١٨ ، الشعر والشعراء ص (٦٢٧) ، وهو لكثير عزّة في ديوانه ص (٥٢٢) ، السمط ص (٤٠٠) ، المقاصد النحوية ٣ / ١٥٦ ، ولقيس بن ذريح في ديوانه ص (٦٢) في شرح الأشموني ١ / ٢٤٩ ، شرح ابن عقيل ص (٣٣) ، شرح عمدة الحافظ ص (٤٢٨). الدر المصون ٣ / ٨٧.
(٢) تقدم.
(٣) ينظر : الرازي ١٣ / ٢١.
(٤) سقط في أ.
(٥) سقط في أ.
(٦) سقط في أ.