بارتهان النفوس ، وحبسها بما كسبت ، كما قالوا : «اللهم صلّ عليه الرءوف الرحيم» ، وقد أجاز ذلك سيبويه (١) ؛ قال : فإن قلت : ضربت وضربوني قومك ، نصبت إلا في قول من قال : «أكلوني البراغيث» أو تحمله على البدل من المضمر.
وقال أيضا : فإن قلت : «ضربني وضربتهم قومك ، رفعت على التقديم والتأخير إلا أن تجعل هاهنا البدل ، كما جعلته في الرفع». انتهى.
وقد روي قوله : [الطويل]
٢٢٠٠ .......... |
|
.......... فاستاكت به عود إسحل(٢) |
بجر «عود» على البدل من الضمير.
قال شهاب الدين (٣) : أما تفسير الضمير غير المرفوع بالبدل ، فهو قول الأخفش ، وأنشد عليه هذا العجز وأوله : [الطويل]
٢٢٠١ ـ إذا هي لم تستك بعود أراكة |
|
تنخّل فاستاكت به عود إسحل (٤) |
والبيت لطفيل الغنويّ ، يروى برفع «عود» ، وهذا هو المشهور عند النّحاة ، ورفعه على إعمال الأول ، وهو «تنخّل» ، وإهمال الثاني وهو «فاستاكت» ، فأعطاه ضميره ، ولو أعمله لقال : «فاستاكت بعود إسحل» ، ولا يمكن لانكسار البيت ، والرواية الأخرى التي استشهد بها ضعيفة جدّا لا يعرفها أكثر المعربين ، ولو استشهد بما لا خلاف عليه فيه كقوله : [الطويل]
٢٢٠٢ ـ على حالة لو أنّ في القوم حاتما |
|
على جوده لضنّ بالماء حاتم (٥) |
بجر «حاتم» بدلا من الهاء في «جوده» ، والقوافي مجرورة لكان أولى.
والإبسال : الارتهان ، ويقال : أبسلت ولدي وأهلي ، أي ارتهنتهم ؛ قال : [الوافر]
٢٢٠٣ ـ وإبسالي بنيّ بغير جرم |
|
بعوناه ولا بدم مراق (٦) |
__________________
(١) ينظر : الكتاب ١ / ٣٩.
(٢) جزء من عجز بيت وتمامه في البيت الذي يليه ، والبيت لعمر بن أبي ربيعة في ملحق ديوانه ص (٤٩٨) ، الرد على النحاة ص (٩٧) ، شرح المفصل ١ / ٧٩ ، الكتاب ١ / ٧٨ ، ولطفيل الغنوي في ديوانه ص (٦٥ ، شرح أبيات سيبويه ١ / ١٨٨ ، ولعمر أو لطفيل أو للمقنّع الكندي في المقاصد النحوية ٣ / ٣٢ ، ولعبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزومي أو لطفيل الغنوي في شرح شواهد الإيضاح ص (٨٩) ، أمالي ابن الحاجب ١ / ٤٤٤ ، الدرر ١ / ٢٢٢ ، شرح الأشموني ١ / ٢٠٥ ، همع الهوامع ١ / ج ٦٦ ، الدر المصون ٣ / ٩١ البحر المحيط ٤ / ١٦٠.
(٣) ينظر : الدر المصون ٣ / ٩١.
(٤) تقدم قريبا.
(٥) تقدم.
(٦) البيت لعوف بن الأحوص الباهلي.
ينظر : لسان العرب (بعا) ، التهذيب ٣ / ٢٤١ ، القرطبي ٧ / ١٣ ، مجاز القرآن ١ / ١٩٤ ، الدر المصون ٣ / ٩١.