والثالث : أنها في محلّ نصب حالا من الضمير في «كسبت».
قوله : «من دون» في «من» وجهان :
أظهرهما : أنها لابتداء الغاية.
والثاني : أنها زائدة نقله ابن عطية (١) ، وليس بشيء ، وإذا كانت لابتداء الغاية ، ففيما يتعلّق به وجهان :
أحدهما : أنها حال من «وليّ» ؛ لأنها لو تأخرّت لكانت صفة له فتتعلّق بمحذوف هو حال.
الثاني : أنها خبر «ليس» فتتعلّق بمحذوف أيضا هو خبر ل «ليس» ، وعلى هذا فيكون «لها» متعلقا بمحذوف على البيان ، كما تقدم نظيره ، و (مِنْ دُونِ اللهِ) فيه حذف مضاف أي: من دون عذابه وجزائه وليّ ولا شفيع يشفع لها في الآخرة.
قوله : (وَإِنْ تَعْدِلْ) أي : تفتدي «كلّ عدل» : كلّ فداء ، و «كل» منصوب على المصدرية ؛ لأن «كل» بحسب ما تضاف إليه هذا هو المشهور ، ويجوز نصبه على المفعول به ؛ أي : وإن تفد يداها كلّ ما تفدي به لا يؤخذ ، فالضمير في «لا يؤخذ» على الأوّل ، قال أبو حيّان : «عائد على المعدول به المفهوم من سياق الكلام ، ولا يعود إلى المصدر ؛ لأنه لا يسند إليه الأخذ ، وأما في (وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) [البقرة : ٤٨] فبمعنى المفديّ به فيصح» انتهى. أي : إنه إنما أسند الأخذ إلى العدل صريحا في «البقرة» ؛ لأنه ليس المراد المصدر ، بل الشيء المفديّ به ، وعلى الثّاني يعود على «كل عدل» ؛ لأنه ليس مصدرا فهو كآية البقرة.
وقال ابن الخطيب (٢) : ويمكن حمل الأخذ هنا بمعنى القبول ؛ قال تعالى (وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ) [التوبة : ١٠٤] أي : يقبلها وإذا [ثبت هذا فيحمل](٣) الأخذ هاهنا على القبول ويزول المحذور ، وفي إسناد الأخذ إلى المصدر عبارة عن الفعل يعني يؤخذ مسندا «إلى» منها لا إلى ضميره أي : لأن العدل بالمعنى المصدري لا يؤخذ ، بخلاف قوله : (وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) فإنه المفديّ به.
قوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا) ، يجوز أن يكون «الّذين» خبرا ، و (لَهُمْ شَرابٌ) خبرا ثانيا ، وأن يكون (لَهُمْ شَرابٌ) حالا ؛ إما من الضمير في «أبسلوا» وإمّا من الموصول نفسه ، و «شراب» فاعل لاعتماد الجار قبله على ذي الحال ، ويجوز أن يكون (لَهُمْ شَرابٌ) مستأنفا ، فهذه ثلاثة أوجه ، ويجوز أن يكون «الذين» بدلا من «أولئك» أو نعتا فيتعين أن تكون الجملة من «لهم شراب» خبرا للمبتدأ ، فيحصل في الموصول أيضا ثلاثة
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٣٠٦.
(٢) ينظر : الرازي ١٣ / ٢٤.
(٣) سقط في أ.