السابع : أنه متعلّق ب «يكسبون» ، وهذا فاسد من جهة أنه يلزم منه تقديم معمول الصّلة على الموصول ؛ لأن «ما» موصولة اسمية ، أو حرفية ، وأيضا فالمخاطبون كيف يكسبون في السماوات؟ ولو ذهب هذا القائل إلى أنّ الكلام تمّ عند قوله : (فِي السَّماواتِ) ، وعلّق (فِي الْأَرْضِ) ب «يكسبون» لسهل الأمر من حيث المعنى لا من حيث الصناعة.
الوجه الثّامن : أنّ «الله» خبر أوّل ، و (فِي السَّماواتِ) خبر ثان.
قال الزمخشري (١) : «على معنى : أنّه الله (٢) ، وأنّه في السماوات وفي الأرض ، وعلى معنى : أنّه عالم بما فيهما لا يخفى عليه شيء ، كأنّ ذاته فيهما».
قال أبو حيّان (٣) : «وهذا ضعيف ؛ لأن المجرور ب «في» لا يدلّ على كون مقيّد ، إنما يدلّ على كون مطلق ، وتقدّم جوابه مرارا».
الوجه التاسع : أن يكون «هو» مبتدأ ، و «الله» بدل منه ، و «يعلم» خبره ، و (فِي(٤) السَّماواتِ) على ما تقدّم.
الوجه العاشر : أن يكون «الله» بدلا أيضا ، و (فِي السَّماواتِ) الخبر بالمعنى الذي قاله الزمخشري.
الحادي عشر : أنّ «هو» ضمير الشّأن في محلّ رفع بالابتداء ، والجلالة مبتدأ ثان ، وخبرها (فِي السَّماواتِ) بالمعنى المتقدّم ، أو «يعلم» ، والجملة خبر الأول مفسرة له وهو الثاني عشر.
وأمّا «يعلم» فقد عرفت (٤) من تفاصيل ما تقدّم أنّه يجوز أن يكون مستأنفا ، فلا محلّ له ، أو في محلّ رفع خبرا ، أو في محلّ نصب على الحال ، و (سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) : يجوز أن يكونا على بابهما من المصدريّة ، ويكونان مضافين إلى الفاعل.
وأجاز أبو البقاء (٥) أن يكونا واقعين موقع المفعول به ، أي : مسرّكم ومجهوركم ، واستدلّ بقوله تعالى : (يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) [البقرة : ٧٧] ولا دليل فيه ، لأنه يجوز «ما» مصدرية وهو الأليق لمناسبة المصدرين قبلها ، وأن تكون بمعنى «الذي».
فصل في معنى الآية
«وهو الله في السماوات والأرض» كقوله : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) [الزخرف : ٨٤].
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٥.
(٢) في ب : الله قادر.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٤ / ٧٨.
(٤) في ب : علمت.
(٥) ينظر : الإملاء ١ / ٢٣٥.