٢٢١٧ ـ مصابيح ليست باللّواتي تقودها |
|
نجوم ولا بالآفلات شموسها (١) |
والإفال : صغار الغنم.
والأفيل : الفصيل الضّئيل.
فصل في بيان رؤية الملك
قال أكثر المفسرين : أن ملك ذلك الزّمان رأى رؤيا وعبرها المعبرون بأنه يولد غلام يكون هلاك ملكه على يديه ، فأمر بذبح كلّ غلام يولد ، فحملت أمّ إبراهيم به ، وما أظهرت حملها للناس ، فلما جاءها الطّلق ذهبت إلى كهف في جبل ، ووضعت إبراهيم ـ عليهالسلام ـ وسدّت الباب بحجر فجاء جبريل ـ عليهالسلام ـ ووضع أصبعه في فمه ، فخرج منه رزقه ، وكان يتعهّده جبريل ـ عليهالسلام ـ وكانت الأمّ تأتيه أحيانا ترضعه ، وبقي على هذه الصفة حتى كبر وعقل ، وعرف أن له ربّا ، فسأل أمه فقال لها : من ربي؟ قالت : أنا ، فقال : ومن ربّك؟ قالت : أبوك فقال : ومن ربّ أبي؟ فقالت : ملك البلد.
فعرف إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ جهالتها بربها ، فنظر من باب ذلك الغار ليرى شيئا يستدلّ به على وجود الرّبّ ـ سبحانه وتعالى ـ فرأى النّجم الذي كان هو أضوء نجم في السماء (٢).
فقيل : كان المشتري ، وقيل : كان الزهرة ، فقال : هذا ربّي إلى آخر القصّة.
ثم القائلون بهذا القول اختلفوا ، فمنهم من قال : هذا كان بعد البلوغ ، ومنهم من قال : كان هذا قبل البلوغ والتكليف ، واتّفق أكثر المحققين (٣) على فساد هذا القول.
وقالوا : لا يجوز أن يكون لله رسول يأتي عليه وقت من الأوقات إلا وهو موحّد به عارف ، ومن كلّ معبود سواه بريء ، وكيف يتوهّم هذا على من عصمه الله وطهّره وآتاه رشده من قبل ، وأخبر عنه فقال تعالى : (إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الصافات : ٨٤].
وأراه ملكوت السّموات والأرض ، أفتراه أراه الملكوت ليوقن؟ فلما أيقن رأى كوكبا قال : (هذا رَبِّي) معتقدا فهذا لا يكون أبدا.
واحتجوا بوجوه :
أحدها : أن القول بربوبيّة الجماد كفر بالإجماع (٤) ، والكفر لا يجوز على الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ بالإجماع.
والثاني : أن إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ كان قد عرف ربّه قبل هذه الواقعة
__________________
(١) ينظر : ديوانه (٤٢٥) اللسان (دلك) ، مجاز القرآن ١ / ١٩٩ ، الدر المصون ٣ / ١٠٦.
(٢) ينظر : الرازي ١٣ / ٣٩.
(٣) ينظر : المصدر السابق.
(٤) ينظر : الرازي ١٣ / ٣٩.