وأيضا قيل : إنّ ولد الإنسان لا يقال : إنّه ذرّيّة ، فعلى هذا إسماعيل ـ عليه الصلاة والسلام ـ ما كان من ذرّيّة إبراهيم](١).
الوجه الثاني : أنها تعود على إبراهيم ؛ لأنه المحدث عنه والقصّة مسوقة إلى ذكره وخبره ، وإنما ذكر نوحا ، لأن إبراهيم كونه من أولاده أحد موجبات رفعه إبراهيم.
ولكن ردّ هذا القول بما تقدّم من كون لوط ليس من ذرّيّته إنما هو ابن أخيه أو أخته ذكر ذلك مكي (٢) وغيره.
وقد أجيب عن ذلك ، فقال ابن عباس : هؤلاء الأنبياء كلهم مضافون إلى ذرّيّة إبراهيم ، وإن كان فيهم من لم يلحقه بولادة من قبل أمّ ولا أب ؛ لأن لوطا ابن أخي إبراهيم ، والعرب تجعل العمّ أبا ، كما أخبر الله ـ تعالى ـ عن ولد «يعقوب» أنهم قالوا : (نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) [البقرة : ١٣٣].
وقال أبو سليمان الدّمشقيّ : «ووهبنا له لوطا» في المعاضدة والمناصرة ، فعلى هذا يكون «لوطا» منصوبا ب «وهبنا» من غير قيد ؛ لكونه من ذرّيّته.
وقوله : «داود» وما عطف عليه منصوب إما بفعل الهبة ، وإما بفعل الهداية.
و (مِنْ ذُرِّيَّتِهِ) يجوز فيها وجهان :
أحدهما : أنه متعلّق بذلك الفعل المحذوف ، وتكون «من» لابتداء الغاية.
والثاني : أنها حال أي : حال كون هؤلاء الأنبياء منسوبين إليه.
قوله : (وَكَذلِكَ نَجْزِي) الكاف في محلّ نصب نعتا لمصدر محذوف ، أي : نجزيهم جزاء مثل ذلك الجزاء ، ويجوز أن يكون في محلّ رفع ، أي الأمر كذلك ، وقد تقدّم ذلك في قوله : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ).
ومعنى «كذلك» أي : كما جزينا إبراهيم على توحيده بأن رفعنا درجته ، ووهبنا له أولادا أنبياء أتقياء ، كذلك نجزي المحسنين على إحسانهم.
فصل في بيان نسب بعض الأنبياء
«داود» ابن إيشا.
و «سليمان» هو ابنه.
و «أيوب» ابن موص بن رازح بن روم بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم.
و «يوسف» ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
و «موسى» ابن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب.
و «هارون» أخو موسى أكبر منه بسنة ، وليس ذكرهم على ترتيب أزمانهم.
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) ينظر : المشكل ٢٧٥.