واعلم أنه ـ تعالى ـ ذكر أوّلا أربعة من الأنبياء ، وهم : «نوح» و «إبراهيم» و «إسحاق» و «يعقوب» ، ثم ذكر من ذرّيّتهم أربعة عشر من الأنبياء : «داود» ، و «سليمان» ، و «أيّوب» ، و «يوسف» ، و «موسى» ، و «هارون» ، و «زكريا» ، و «يحيى» ، و «عيسى» ، و «إلياس» ، و «إسماعيل» ، و «إليسع» ، و «يونس» ، و «لوطا».
فإن قيل : رعاية التّرتيب واجبة ، والترتيب إمّا أن يعتبر بحسب الفضل والدرجة ، وإما أن يعتبر بحسب الزمان ، والترتيب بحسب هذين النوعين غير معتبر هنا فما السّبب فيه؟
فالجواب أن «الواو» لا توجب التّرتيب ، وهذه الآية أحد الدلائل على صحّة هذا المطلوب.
قوله : «وزكريا» هو ابن إدّ وبرخيّا و «يحيى» هو ابنه و «عيسى» هو ابن مريم ابنة عمران.
واستدلّ بهذه الآية على أن الحسن والحسين من ذرّيّة رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لأن الله ـ تعالى ـ جعل عيسى من ذرّيّة إبراهيم ، وهو لا ينسب إلى إبراهيم إلّا بالأمّ ، فكذلك الحسن والحسين ويقال : إن أبا جعفر الباقر استدلّ بهذه الآية عند الحجّاج بن يوسف الثقفي (١).
فصل فيما يستفاد من الآية
قال أبو حنيفة والشافعي : من وقف (٢) على ولده وولد ولده دخل فيه أولاد بناته أيضا ما تناسلوا ، وكذلك في الوصيّة للقرابات يدخل فيه ولد البنات ، والقرابة عند أبي حنيفة كلّ ذي رحم محرم ، ويسقط عنده ابن العمّ وابن العمة وابن الخال وابن الخالة ؛ لأنهم ليسوا بمحرمين.
وقال الشافعي رحمهالله تعالى : القرابة كلّ ذي رحم محرم وغيره ، فلم يسقط عنده ابن العم وقال مالك : لا يدخل في ذلك ولد البنات (٣).
وإذا قال : لقرابتي وعقبي فهو كقوله : لولدي وولد ولدي (٤).
قوله : «وإلياس» قال ابن مسعود : هو إدريس وله اسمان مثل «يعقوب» و «إسرائيل» ، والصحيح أنه غيره ؛ لأن ـ تعالى ـ ذكره في ولد نوح ، وإدريس جد أبي نوح ، وهذا إلياس بن يسي بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران (كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ).
وقوله : «وإسماعيل» هو ابن إبراهيم.
و «إليسع» [وهو ابن أخطوب بن العجوز](٥).
__________________
(١) ينظر : الرازي ١٣ / ٥٥.
(٢) ينظر : القرطبي ٧ / ٢٢.
(٣) ينظر : تفسير القرطبي ٧ / ٢٣.
(٤) ينظر : تفسير القرطبي ٧ / ٢٣.
(٥) سقط في ب.