وذكر الواحدي (١) أي : لا تصلّون له ، قال عليه الصلاة والسلام : «من سجد [لله سجدة](٢) بنيّة صادقة فقد برىء من الكبر» (٣).
قوله تعالى : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ)(٩٤)
«فرادى» منصوب على الحال من فاعل «جئتمونا» ، و «جئتمونا» فيه وجهان :
أحدهما : أنه بمعنى المستقبل ، أي : تجيئوننا ، وإنما أبرزه في صورة الماضي لتحقّقه كقوله تعالى: (أَتى أَمْرُ اللهِ) [النحل : ١] (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ) [الأعراف : ٤٤].
والثاني : أنه ماض ، والمراد به حكاية الحال بين يدي الله ـ تعالى ـ يوم يقال لهم ذلك ، فذلك اليوم يكون مجيئهم ماضيا بالنسبة إلى ذلك اليوم.
واختلفوا في قول هذا القائل ، فقيل : هو قول الملائكة الموكّلين بعقابهم.
وقيل : هو قول الله تعالى ، ومنشأ هذا الخلاف أن الله ـ تبارك وتعالى ـ هل يتكلّم مع الكفّار أم لا؟ فقوله تبارك وتعالى في صفة الكفار : (وَلا يُكَلِّمُهُمُ) يوجب ألّا يتكلم معهم ، فلهذا السبب وقع الاختلاف ، والأول أقوى ؛ لأن هذه الآية الكريمة معطوفة على ما قبلها ، والعطف يوجب التّشريك.
واختلفوا في «فرادى» هل هو جمع أم لا ، والقائلون بأنه جمع اختلفوا في مفرده : فقال الفراء : «فرادى» جمع «فرد وفريد وفرد وفردان» فجوز أن يكون جمعا لهذه الأشياء.
وقال ابن قتيبة (٤) : هو جمع «فردان» كسكران وسكارى وعجلان وعجالى.
وقال قوم : هو جمع فريد كرديف وردافى ، وأسير وأسارى ، قاله الراغب (٥) ، وقال : هو جمع «فرد» بفتح الراء ، وقيل بسكونها ، وعلى هذا فألفها للتأنيث كألف «سكارى» و «أسارى» فيمن لم يتصرف.
وقيل : هو اسم جمع ؛ لأن «فرد» لا يجمع على فرادى فرد أفراد ، فإذا قلت : جاء القوم فرادى فمعناه واحدا واحدا.
قال الشاعر [الطويل]
٢٢٣٩ ـ ترى النّعرات الزّرق تحت لبانه |
|
فرادى ومثنى أثقلتها صواهله (٦) |
__________________
(١) ينظر : الرازي ١٣ / ٧١.
(٢) سقط في أ.
(٣) ذكره المتقي الهندي في كنز العمال (٧ / ٣٠٨) رقم (١٩٠١٧) وعزاه إلى الديلمي عن ابن عباس.
(٤) ينظر : تفسير غريب القرآن ١٥٧.
(٥) ينظر : المفردات ٣٧٥.
(٦) تقدم.